يستمرّ لبنان في تحطيم الأرقام القياسيّة، سلباً أو إيجاباً. ولا عجب أنّنا من بين الدّول التي تتصدّر في ضحايا حوادث السّير، فتكفي متابعة غرفة التحكم المروري التي تحصي يوميّاً عدد الضّحايا والجرحى، ليتبيّن لنا أنّنا وصلنا إلى مرحلة بات فيها عدّاد الضّحايا مجرّد أرقام.
إرتفع في عام 2023 عدد ضحايا حوادث السّير في لبنان، إذ بلغ 439 ضحيّة مقابل 359 ضحيّة في العام 2022 و419 ضحيّة في العام 2021، أي بزيادة نسبتها 22.3 في المئة. وفي المقابل، كانت نسبة الزّيادة في عدد الحوادث 9 في المئة، وفق “الدوليّة للمعلومات”.
وتتعدّد أسباب حوادث السّير. السّبب الأوّل والأساسيّ والأهمّ، هو السّرعة الزّائدة التي يُمكن أن تكون قاتلة للسّائق نفسه وللمارّة. ففي لبنان، مُجرمون من دون أن يعرفوا، يسرحون بسرعتهم الجنونيّة متسبّبين بسقوط ضحايا أبرياء.
أمّا السّبب الثّاني، والذي يُعتبر من الأهمّ أيضاً، فهو حالة الطّرقات السّيّئة مع انعدام الإنارة وكثرة الحفر، أي البنية التحتيّة السّيّئة، وهنا تقع المسؤوليّة على الدّولة اللبنانيّة، التي تهمل الطّرقات، ولا تعمل على صيانتها، لا سيّما بعد الأزمة الاقتصاديّة وعدم توفر الأموال اللازمة.
والسّبب الثّالث هو التّوتّر العصبيّ، الذي يتسبّب بحوالى 50 في المئة من حوادث السّير، وفق الإحصائيّات.
أمّا السّبب الرّابع والأخير، فهو تعاطي المخدّرات والكحول، فغالبيّة حوادث السّير تحصل بعد السّهر، أي في الّليل، وتحديداً بعد احتساء الكحول، وهُنا تقع المسؤوليّة على السّائق الذي يجب أن يكون على قدرها وتجنّب احتمال قتل نفسه وقتل النّاس.
إذاً، أصبحت حوادث السّير أكثر دمويّةً في بلدنا، وإذا كانت الدّولة مقصّرةً في حمايتنا، فيجب على الأقلّ أن نحميَ أنفسنا من خلال تفادي شرب الكحول ثمّ القيادة تحت تأثيرها، وتجنّب السّرعة الزّائدة، حتّى الوصول إلى اليوم الذي نرى فيه طرقاتنا “صاغ وسليمة”.