هي مهنة المتاعب التي اختارتها إعلاميات أمّهات، فتجاوزن التحديات الصعبة. لكلّ إعلامية قصة لم تقف عائقاً في مسيرة أمومتها، ولا في مسيرة مهنتها، بل كانت قوة العاطفة الموجودة في داخل كل أم، هي السلاح الذي تسلّحت به إعلاميّات مقالنا.
بعد خسارة جنينيها بسبب خطأ طبيّ، وفق ما أعلنت سابقاً، وبعد المعاناة النفسية التي حلّت بها، شاء الله أن يعوّض الإعلامية نيكول حجل، فرزقها مولوداً جديداً. مع الولد الأوّل، تختبر الأم كلّ ما هو جديد، تقول نيكول لـ”النهار”. لكن لا يجب أن يتوقّف طموح الأم بمجرد إنجابها، بالرغم من التحدّيات الجمة، والشعور الدائم بالذنب لدى كلّ أم لناحية التفكير في الوقت الذي تقضيه مع ابنها، إن كان كافياً أم لا. وتضيف إلى هذا التحدي التعبَ الجسديّ لإقامة التوازن بين المهنة والأمومة.
تقع نيكول أمام هاجس الإنجاز الكامل لعملها وتربية طفلها، من دون أي تقصير في أيّ منهما، و”هنا يكمن التحدّي الأكبر”. نيكول التي عادت إلى عملها منذ أسبوع بعد انقضاء إجازة الأمومة، تروي أنّه ليس بالأمر السهل التوفيق بين العمل ورعاية الطفل، لكنّه ليس مستحيلاً. فعمل الإعلام ليس سهلاً كما يخال البعض، إنّما يحتاج تحضيراً ووقتاً طويلاً للإعداد، وهو ليس إذاعة نشرة والسلام؛ فأحياناً نذيع عدة نشرات في اليوم، ويسبق النشرة المسائية دوام عمل من تسع ساعات فيه إعداد تقارير. ويحدث أن يطول وقت العمل “لكنّني محظوظة بزوج يساندني ويشجّعني، والغياب الطويل عن طفلي الكائن في المنزل هو أمر صعب. لكن وطأته تقلّ لدى رؤيته، فالاشتياق جميل أيضاً”.
من جهتها، وبعد زواج تهاوى مع مقدِّم البرامج طوني أبو جودة، وبالرغم أنّها لا تزال على أطيب العلاقات معه، لم يشكّل الانفصال أي انعكاس سلبيّ على ابنة الإعلامية كارلا حداد، لا سيما أنّها عاملة في مجال الإعلام. “التحدّيات كبيرة من حيث الوقت والالتزام والسفر” تقول كارلا لـ”النهار”. وبرأيها، الانفصال عن أيّ شريك لا ينقص أو يزيد من مهام الأم المتوجِّبة عليها في كلّ الحالات.
ترى كارلا أنّ مهنة الإعلام كأي مهنة أخرى أو وظيفة تقوم بها الأم، والمرأة العاملة تواجه تحدّيات وصعوبات كثيرة. لكن عندما تصبح الأم مثالاً يُحتذى به لعائلتها عبر إقامة التوازن بين جميع مهامها، مهما كان عملها، يصبح الأمر أسهل عليها. وفي مجال الإعلام، لا يزال التوازن ممكناً بينه وبين مهام التربية والعائلة والمنزل، فالمهنة أسهل مثلاً من مهنة التمثيل.
لذلك، ترى كارلا، أنّه لا يجب على الأم العاملة أن تخاف من هذا التحدّي، فأولادها سيفخرون بها لدى رؤيتها أمّاً مجتهدة. و”صحيح أنّ إقامة التوازن ليس أمراً سهلاً، وهو أمر متعِب، لكن الحياة عبارة عن توازن، وأنا أجد في هذا التعب لذّة”.
تتحدّث كارلا في هذا السياق عن محاولتها القيام بجميع الأمور اللازمة للعمل خلال دوام ابنتها في المدرسة، و”كي أكون مستعدة لاستقبالها وتدريسها عندما تعود”. وأحياناً يبقى بعض العمل، تنجزه في أوقات الليل. وخلال سفرها، تتابع دروس ابنتها البالغة من العمر 13 سنة، من الخارج، “فأنا أظهر لابنتي أنّ العمل ومهنتي لا يأخذان من حقوقها أيّ شيء. وهي فخورة جداً بي، وتتباهى أمام رفاقها وزملائها بأنّني أمّها”.
والأم ليست الإعلامية فقط، فمهما كانت مهنتها، يُمكنها أن تضيف الكثير لأولادها إذا كانت مثالاً حسناً. لكن كارلا تعرّف ابنتها أنّ العمل لا يأتي سهلاً للشخص، “فهي تراني كم أتعب في هذا العمل، ممّا يزيد من ثقتها بنفسها فتتمثّل بي”.
إلى ذلك، الإعلامية رابعة الزيات هي أمّ لولدين من زواجها السّابق، قبل أن تتزوّج الإعلامي زاهي وهبي وتُرزق بفتاتين. لا ترى رابعة خصوصيّة للإعلامية الأم، وبرأيها أن الأم العاملة – مهما كان مجال عملها – تواجه الصعوبات والتحدّيات الجمّة، خصوصاً في مجتمعات شرقيّه تطلب من المرأة ما هو مضاعَف عمّا هو مطلوب منها في المجتمعات الغربية، لأنّه لا يزال هناك رجالٌ كثر لا يساندون زوجاتهم العاملات، على عكس زوج رابعة. وإزاء هذا النوع من الأزواج، تشعر المرأة بأنّه مطلوب منها أكثر لإثبات نفسها. لكنّ ربّنا وضع في المرأة قدرة رهيبة وعاطفة وحناناً.
ووفق رابعة، الأم قادرة على التنسيق بين عملها وبين أمومتها. وهنا تتطرّق إلى الحديث عن النوعيّة لا الكمية، فهناك أمّهات يبقين في المنزل لكنّهنّ لا يقدّمن وقتاً نوعياً لأبنائهنّ.
وتصرّح رابعة:”صحيح، لا يُمكن القول إنّني أمّ مثالية، وقد يحصل تقصير ما في بعض الأوقات، يدفع ثمنه الأولاد أحياناً، بسبب ظروف السّفر المتعلّقة بالعمل أو بتصوير حلقة مساءً”. لكن هذه ظروف كلّها تفادتها رابعة عندما كان أولادها في أعمار صغيرة، وفي سنواتهم الأولى، واليوم كبروا وأصبحوا في سن المراهقة، وباتت قادرة أكثر على تركهم في مثل هذه الظروف. فاليوم تغيّر وضع عمل رابعة عن السابق، وزادت سفراتها وخروجها من المنزل.
ترى رابعة أنّ الأم الواعية والمثقّفة، سواء أكانت إعلاميّة أم لا، تضفي الكثير على أولادها، وتستطيع أن تربيهم بالطريقة المثلى على مبادئ سليمة وفهم صحيح للحياة والمواطنة والإنسانية والأخلاق.