حادثة إغتيال المسؤول في حركة حماس صالح العاروري، تُظهر الحزب بموقف حرج، حيث وقعت الجريمة في منطقته التي تتمتّع بحماية أمنيّة مشدّدة منه. المسؤول الذي تمّ استهدافه هو نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، وتواجُده في هذا الموقع يرجع إلى قُربِه من إيران. يُعَدّ العاروري من المنسقين الرئيسيين بين حماس والحزب، وهو أحد القادة الرئيسيين الذين شاركوا في تنسيق عملية 7 أكتوبر. تُعتبر هذه العملية ضربةً موجعة لكل القواعد المُتَّفق عليها بين إسرائيل والحزب ومِن ورائهما إيران.
يحمل هذا الإغتيال دلالات أساسية ثلاث:
الأولى، يكشف هذا الإغتيال عن حجم العمالة للعدوّ الإسرائيلي داخل بيئة الحزب، ويُكذِّب سرديّته وينفي إتهاماته التي يحاول توجيهها إلى خصومه في الداخل بالتواطؤ مع العدو. هذه الإتهامات التي يحاول من خلالها أن يُغطي إخفاقاته وليُبعد الأنظار عن شبكات التجسس التي تُكتَشَف كل يوم بين مسؤوليه وعناصره. فقد أظهرت الأحداث حتى اليوم أنه لا يوجد عملاء لإسرائيل إلا في بيئته.
الثانية، البيان الصادر عن الحزب أن هذا الاعتداء هو على لبنان وسيادته وأمنه، ويتجاهل الحزب دوره في زجِّ لبنان في آتون الحرب من خلال مناوشاته في الجنوب. يستغلّ الحزب لبنان واللبنانيين لكي لا يُظهر ضُعفه وعجزه أمام جمهوره ولكي يُغطّي زَيْف إدعائاته بمحاربة العدو. لم يسأل يوماً اللبنانيين أو الدولة رأيهم عندما دخل في مغامراته، بل هو يتلطّى خلفهم عندما يجد أفقَه مسدودة. القويّ، كما يدّعي الحزب، ليس من يختبئ وراء الدولة والناس ولكن هذه هي أخلاقه وسياسته.
الثالثة، تثير العملية تساؤلات حول ردّ فعل الحزب، حيث يواجه الحزب تحديات داخلية ويبدو أنه غير قادر على تحقيق مكاسب سياسية، ولم تأته الأوامر من إيران لدخول أيّ حرب مع إسرائيل في الوقت الحالي. في هذا السياق، يظهر أن الحزب في مرحلة داخلية حرجة ومحاصر خارجيّاً، من غير المرجّح أن يَتّخذ أي إجراءات قوية في الوقت الراهن.
الحزب منخور بالفساد والعملاء لا يستطيع أن يحمي قياديي محوره ويخسر تدريجيّاً ثقة الناس. لم تعد تنفع كل حملات مأجوريه الإعلامية لمحاولة تصويره كقوة إقليميّة مؤثِّرة ومحاولة إيهام الناس بالنصر الدائم. كما سقطت كل محاولاته لإسكات وإخافة اللبنانيين لجَرِّهم وراء مغامراته الطائشة خدمةً لإيران.