إلى أهل السلطة: الجامعة تحتضر والعام الجامعي أصبح مهددا

منذ عدة أشهر وأنتم تتناحرون على كيفية توزيع العمادات في ما بينكم وكأن الجامعة هي عبارة عن فريسة وقعت بين أيديكم فأخذتم تتقاسمون حصصها. إن تجاذباتكم السياسية قد انهكت هذا الصرح التربوي ولا زلتم تمعنون في تهميشه.

الجامعة هي جيش لبنان الثاني الحامية لآلاف الطلاب لأنها تمدهم بسلاح العلم والمعرفة وتحصنهم بشهادة تسمح لهم بإيجاد فرص عمل عوضا عن الضياع والانحراف والسقوط في مستنقع البؤس والعصابات والمخدرات.

الجامعة ليست مقفلة بسبب عدم وجود عمداء أصيلين مع العلم أنه أصبح من الضروري تعيين عمداء جدد، ولكن ليس لهذا السبب وصلت الجامعة إلى ما هي عليه.
الجامعة مقفلة وتنزف، لأن موازنتها أصبحت زهيدة لا تكفي لتغطية ما تتطلبه كلية واحدة من تمويل لإدارة شؤونها.

الجامعة تحتضر، لأنه لا يوجد ما يكفي من حبر ولا من أوراق لطباعة المسابقات ولإجراء الإمتحانات، لا توجد مواد أو معدات مخبرية كافية لإجراء التجارب للطلاب، لا كهرباء، لا تدفئة، لا صيانة للمباني ولا سكن جامعيا للطلاب، والأمثلة كثيرة وكثيرة ولا مجال لذكرها كلها.
الجامعة تغرق، لأن عشرات الأساتذة هاجروا وآخرون سئموا من انتظار البت بملفاتهم ويتحضرون أيضا للهجرة.

عندما يفقد الأستاذ الجامعي أدنى مقومات العيش الكريم، عندما يشعر بأن مصيرا مجهولا ينتظره بلا راتب تقاعدي، عندما يشعر بالمذلة والغربة في وطنه، عندما يشعر أنه أصبح عاجزا عن تأدية رسالته لطلابه وعن الوصول إلى عمله بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، عندما يخاف أن يموت على أبواب المستشفيات بلا ضمان صحي (للمتعاقدين) أو بسبب تغطية صحية (للمتفرغين) لم تعد تساوي شيئا حيث لا تزال تُصرف على التعرفة القديمة، عندما لا يتقاضى المتعاقد أو المدرب راتبا شهريا، عندما لا يستطيع الكثير من الطلاب الوصول إلى كلياتهم بسبب التكاليف الباهظة لتنقلاتهم من أماكن سكنهم البعيدة إلى الكليات المختلف، عندما يطالب كل هؤلاء بأدنى الحقوق ولا تلبى مطالبهم عندها تصبح الجامعة حجرا بلا بشر.

منذ عدة أشهر ونحن نطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء مخصصة لمناقشة كل قضايا الجامعة ولوضع خطة إنقاذ لهذا الصرح التربوي الذي أصبح وجوده مهددا، ولكن للأسف وكأننا نقول لكم أمعنوا في خلافاتكم وتناحروا أكثر فأكثر حول قضايا الجامعة بانتظار دمارها الشامل.

لكل هذه الأسباب، أنتم اليوم مطالبون بعدم ربط ملفات الأساتذة والمدربين بملف تعيين العمداء، كما أنكم تتحملون المسؤولية الكاملة عن انهيار الجامعة الوطنية ومن هنا لا بدّ من التذكير أيضا أن مصير العام الجامعي أصبح على المحك بسبب الاضراب القسري وأنتم مسؤولون أمام الرأي العام اللبناني وأمام آلاف عائلات الطلاب عن ضياع العام الجامعي على الطلاب.

لذلك لا يمكن القول سوى أن إرحموا جامعة وطنكم لأن التاريخ لن يرحمكم.

زر الذهاب إلى الأعلى