سيبكي اللّبنانيون دمًا بعد رحيل ميشال عون، وأصدقك القول.
سنبكي دمًا لأننا لم نجد الوقت في عهده لالتقاط أنفاسنا والبكاء، فقد صدمتنا كثرة الكوارث والمآسي التي كان يبتدعها تباعًا.
نعم سنبكي دمًا لأننا كنّا منشغلين بمحاولة إيقاف النزيف وتضميد الجراح، ولم نكن نملك في عهده وإن برهة للصراخ آآآآآخ.
نعم سنبكي دمًا لأننا سنكتشف أنّ عمق المآسي والجراح الّتي تركها فينا أضخم من أن نتخلّص منها بعهد أو عهدين من بعده.
نعم سنبكي دمًا لأنّنا سنكتشف بعد رحيله أنّنا بتنا في وطن لا يصلح حتّى للبيع، لشدة ما حمّلنا رئيسك من مصائب نحن ولبنان.
نعم سنبكي دمًا لأنّنا سنجد أنّ كافّة أبواب العالم قد سدّت في وجوهنا، لشدّة ما تركتم لنا في ذاكرة شعوب العالم من سموم وأحقاد ومساوىء، تجعلها لا تحتمل العدول عن الانتقام منّا.
نعم سنبكي دمًا لأنّنا لن نجد من يقدر على تولي حُكمنا وشؤوننا بعد التّركات المرهقة التي ألقاها ميشالكم العاجز على كواهلنا كشعب وبلد.
نعم سنبكي دمًا لأنّنا قد بكينا كلّ دموعنا، وقد بلغ الأمر بعيوننا سح الدّم ندمًا على ساعة السّماح بوصوله إلى بعبدا.
نعم سنبكي دمًا لأنّنا نحن الشّعب الوحيد الّذي يحقّ له أن يقول:
لو كنت أعلم!
فوالله لو كنّا نعلم أنّه بهذا السوء لما قبلنا بالعيش لحظة في حكمه.
نعم سنبكي دمًا لأنّ الّذي فقدناه وخسرناه وأضعناه من أهل وأحبّة وأبناء وأصدقاء وشهداء وتاريخ وجهد ومال وبلد بحاله يستحقّ أن نبكي دمًا.
نعم سنبكي دمًا يا سليم لأننا لم نستطع الوصول إليه في مقر حكمه، لنسحله تحت أقدام من هم أشدنا ندمًا على إضاعة تلك اللّحظة.