إليكم “الفاتورة الفخّ”… والآتي أعظم!
قيل عنه في الماضي، إنه القطاعُ الذي يبيضُ ذهبًا بفعل المداخيل الهائلة التي كان يحقّقها… أما اليوم، فقطاعُ الاتصالات في الويل، ماديًا وخدماتيًا، والانكى “على صيرفة”.
إذ لم يكن ينقصُ اللبنانيين إلا أن يُصابوا بمتلازمة “صيرفة” التي إن لجمت ارتفاع الدولار في السوق السوداء لأيام، إلا أنها نفختْ فواتيرَهم من دون رجعة حتى باتت، كحالهم، قابَ قوسين أو أدنى من الانفجار. فمن لم يسدّد فاتورة هاتفه عن شباط قبل الأوّل من آذار، وقع في فخّ صيرفة التي كمنت له وكلّفته ما يقارب ضعف الفاتورة بعدما تحوّلت فجأة من 45000 ليرة إلى 72 ألفا.
فتخيّلوا أن فاتورة هاتف بقيمة 44 دولارا عن شهر شباط، كان من المفترض أن يتم تسديدُها على صيرفة 45 ألفا أي ما يعادل المليون و980 ألفا، غير أنه دفعها في الثاني من آذار مع دخول صيرفة 72 ألفا حيّز التنفيذ، لتصبح فاتورته 3 ملايين و168 ألفا.
فبأيّ منطقٍ تتغيّر قيمة الفاتورة نفسها بين يومٍ وآخر؟ وكيف لشخصٍ حدّد استهلاكه واتصالاته وفق قدرته ووفق السعر المعتمد أن تكبّده ضعف المبلغ بفعل ارتفاع منصة صيرفة؟
صحيحٌ أن ربط تعرفة الاتصالات بالدولار أمرٌ منطقيّ حيث أن الجزءَ الاكبر من تكاليفِ القطاع تُدفع بالعملة الخضراء، إن كان بالنسبة لكلفة المازوت الباهظة إضافة إلى جزء من رواتب العالمين فيه، غير أن ما حصل في الأيام الاخيرة كان أشبه بعملية نشلٍ حقيقية، حصلت في عالم الاتصالات.
ومع هستيريا الدولار الأسود في الأيام الماضية، ها هي منصة “صيرفة” ترتفع بشكل لافت لتلامس الـ90 ألفا وهي مرشحة للارتفاع يوميا، ما يعني ان الفواتير المقبلة ستكون كارثية، والأمر سيستمر على هذا المنوال شهرا بعد شهر إلى ما لا يعلمه إلا الله.
النكبة التي أصابت اللبنانيين في فواتيرهم انسحبت أيضا على بطاقات الهواتف الخلوية مسبقة الدفع بما يقارب الضعف أيضا، فالبطاقة التي كانت تُباع بحوالى 600 ألف ليرة باتت اليوم بأكثر من مليون ليرة.
من الكهرباء إلى الاتصالات، فواتيرُ لا توافق المنطق بشيء… هي جيوبنا باتت مشرّعة في قطاعات متهالكة تحاول أن تتنفّس الصعداء من جيوبنا، مرّات ومرّات… فيما الخدمات كالقطاع متهالكة، فالاتصالات كما الانترنت كما الكهرباء، مزرابٌ لا ينتهي للهدر الفاقع. فما العمل؟
في الماضي قيل لنا “اللي مش عاجبو يهاجر”… وأفعالهم اليوم هي تجسيدٌ للمقولة السابقة، لذلك لن يكون أمام اللبنانيين إلا تقنين اتصالاتهم، والصبر… علّ ذلك اليوم الذي نرتاح فيه من أولئك المتذاكين الذين لا يبحثون عن الحلول لقطاعاتهم إلا من جيوبنا… لا يكون بعيدا.