الثنائي الشيعي أعدّ خطة “النقل”: البنزين أهم سلاح انتخابي

مئات آلاف الدولارات كلفة النقل التي سيتكبدها الثنائي الشيعي يوم الانتخابات

ليس أمراً عادياً أن تُلامس أسعار البنزين 500 ألف ليرة للصفيحة الواحدة، على مشارف نهار انتخابي حافل في 15 أيار المقبل. فلبنان لم يعتمد نظام الميغاسنتر لكي ينتخب المواطن في مكان تواجده، بل عليه الانتقال إلى مكان قيده للإقتراع، ولا يعتمد على أنظمة تكنولوجية متطورة تجعل الناخب قادراً على ممارسة حقه من منزله، الأمر الذي يجعل “المحروقات” جزءاً أساسياً من اللعبة الانتخابية.

تسبّبت أسعار البنزين المرتفعة بتغيير نظام الحياة الاقتصادية للبناني، فبات الانتقال صعباً لغايات العمل. وكلنا نعلم أن بدلات النقل التي، رغم زيادتها، تكاد لا تكفي العامل أو الموظف من أجل الحضور إلى مركز عمله 3 أو 4 أيام بالأسبوع، وما ينطبق على الحياة الاقتصادية يسري على الحياة الاجتماعية. فمن كان يزور بلدته كل نهاية أسبوع، أصبح يزورها كل شهر مرّة وربما لا يزورها. الأمر الذي يطرح تساؤلات حول قدرة ورغبة الناخب على الانتقال من المدينة إلى بلدته في 15 أيار.

يسكن عشرات آلاف الجنوبيين المدن وضواحيها. فهم تركوا قُراهم بحثاً عن لقمة العيش، خصوصاً منهم سكان القرى الحدودية، التي كانت تحت الإحتلال الإسرائيلي قبل العام 2000، والتي ذهب أهلها إلى المدن أو هاجروا إلى خارج لبنان. وهؤلاء يشكلون “رقماً” في كل انتخابات نيابية أو بلدية. ولا شكّ أنهم سيشكلون “رقماً” في الانتخابات المقبلة. وهو ما يجعل الماكينات الانتخابية تعتبر هؤلاء أولوية، لتمكينهم من المشاركة.

10 بالمئة من المقترعين

من المتوقع، حسب مصادر في الثنائي الشيعي بالجنوب، أن تصل نسب الاقتراع في دائرتي الجنوب الثانية والثالثة إلى ما بين 40 و50 بالمئة. أي من المتوقع اقتراع حوالى 220 ألف مواطن في الجنوب الثالثة، و150 ألفاً في الجنوب الثانية. ومن هؤلاء، حوالى 35 ألفاً يسكنون خارج قراهم. لذلك، كانت تنشط الماكينات ااإنتخابية في عملية تأمين “النقل”. وهي في هذه الانتخابات تُعطي هذا الأمر أهمية قصوى مع غلاء أسعار البنزين.

ماكينات الثنائي جاهزة

بالنسبة إلى الماكينات الانتخابية للثنائي الشيعي، تكشف المصادر أنها أعدّت خطط النقل كاملة، وهي تتضمن أسماء وأعداد الناخبين الذين ينتمون إلى الثنائي ويسكنون خارج قراهم، وخصّصت لكل قضاء مسؤول يتولى التنسيق بين القرى والمدن. وهي لأجل هذه الغاية ستعمل على تأمين “بونات” بنزين للراغبين بالانتقال عبر آلياتهم الخاصة. إذ سيتم تخصيص عدد من القسائم لكل آلية بحسب المسافة التي يحتاجها الناخب للوصول إلى قريته. وهذه القسائم تحتوي على 20 أو 40 أو 60 ليتراً من البنزين. كما أنها ستعمل على توفير “جيش” من الآليات المخصصة للنقل لمن لا يملك آلية، أو لا يودّ استخدامها، ستنقل الناخبين يوم الأحد 15 أيار إلى قراهم، ثم تُعيدهم إلى أماكن سكنهم. كما ستعمل هذه الماكينات على تأمين النقل حتى داخل البلدة لمن لا يملك وسيلة نقل.

ما ينطبق على الثنائي، ينطبق على لائحة “معاً للتغيير” في الجنوب الثالثة، إنما مع فارق الإمكانات. إذ يكشف المسؤول عن الماكينة الانتخابية للائحة في قضاء مرجعيون حاصبيا، نزار أمين، أن اللائحة أعدت خطة النقل كاملة، لكنها لا تملك المال حالياً لتطبيقها.

ويضيف أمين في حديث لـ”المدن”: “فتحنا باب التبرعات لهذا الموضوع وغيره، لكننا لا نملك المال لأننا لم نقبل تمويلاً من أي طرف، ولا نتواصل مع أي سفارة، ولا نمثل أي دولة. وفتحنا باب التبرع أمام من يرغب بالتعاون”.

يُشير أمين إلى أن “الانتخابات هي مساحة للتواصل والتأثير في المجتمع لنغير رهاناته على طبقة أوصلته إلى ما وصل إليه، ونحن نرغب بتغيير نهج النواب والناخب أيضاً الذي عوّدوه على سلوك انتخابي مشوه يقوم على الدفع وإلغاء دور المواطنة”.

كلفة باهظة

تقريباً، تعمل كل الماكينات الانتخابية في لبنان، للأحزاب والقوى المعارضة، بالطريقة نفسها، مع اختلاف الكلفة حسب أعداد الناخبين. ولا شكّ أن كلفة النقل ستكون مرتفعة للغاية، وتأمينها بالنسبة لماكينة الحزب على سبيل المثال سيكون على عاتق الحزب، بينما بالنسبة لحركة أمل فسيكون التمويل مشتركاً بين الحركة والمرشحين أنفسهم، حيث من المتوقع أن تصل الكلفة بالنسبة للثنائي إلى مئات آلاف الدولارات، إلا أنها، بالدولار، لن تزيد عن الاستحقاقات السابقة، لأن كلفة الصفيحة بالدولار الأميركي لا تزال نفسها، أو حتى أقل بقليل.

قانونياً، وحسب القانون الإنتخابي رقم 44\ 2017 وتعديلاته، وحسب المادة 58 منه، فإن “النقل” يندرج تحت عنوان النفقات الانتخابية، حيث تنص المادة على أنه يدخل ضمن النفقات “تأمين المكاتب الانتخابية مصاريف نقل وانتقال عناصر الحملة الانتخابية والناخبين، ومصاريف انتقال الناخبين من الخارج”.

هذا الأمر يفتح الباب أمام الكثير من الأسئلة حول تقيّد المرشحين في كل لبنان بحجم الإنفاق الانتخابي. فمن المعلوم أن أحداً لا يصرّح بالكلفة الحقيقية للنقل، لأن التصريح سيعني حكماً تخطي السقف المسموح به. فهل نشهد اعتراضات أمام هيئة الإشراف على الانتخابات بسبب البنزين؟

Exit mobile version