في الوقت الذي وقف 5 مرشحين عن الحزب الجمهوري في مناظرة ثالثة لنيل بطاقة الترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية، انصرف الرئيس السابق دونالد ترامب إلى الحديث عن برنامجه في تجمع انتخابي استهدف بالأساس مخاطبة ود الناخبين من أصل كوبي في إحدى ضواحي ميامي جنوب فلوريدا، ما أثار التساؤلات بشأن المرشح الأكثر حظًا للفوز بأصوات “اللاتينيين”، والذين يلعبون دورًا بارزًا في كل سباق انتخابي.
كان تجمع ترامب فرصة لإظهار الدعم بين الناخبين اللاتينيين في ميامي، وهو مجتمع كبير من السكان الكوبيين الأميركيين، حيث لا يزال يتمتع بشعبية كافية.
وسبق أن كشف موقع “”أكسيوس” الأميركي، أن الناخبين الأميركيين من أصل لاتيني باتوا يتفوق لأول مرة على الناخبين غير اللاتينيين في عدّة ولايات، تشمل: كاليفورنيا وفلوريدا وأريزونا ونيويورك وتكساس ونيفادا.
ووفق إحصاءات أميركية، ارتفع عدد السكان من أصل لاتيني بنحو 23 بالمئة في أواخر العام 2021، ليصل إلى نحو 62 مليون نسمة، يمثلون 18 بالمئة من عدد السكان الإجمالي في الولايات المتحدة البالغ عددهم 333 مليون مواطن.
كيف يتحرك ترامب؟
. خلال مؤتمره الانتخابي، أطلق ترامب خطابا مخصصا للجمهور الأميركي الكوبي إلى حد كبير، إذ انتقد سياسة الرئيس جو بايدن الخارجية، لا سيما فيما يتعلق بكوبا، معتبرًا أنه “يعرض الديمقراطية الأميركية للخطر”.
. وأشارت “أسوشيتد برس” إلى أن الناخبين الكوبيين في هذه المنطقة ساعدوا في تحقيق انتصارات مفاجئة لترامب والجمهوريين الآخرين في الانتخابات الأخيرة، مما ساعد في تغيير فلوريدا من ولاية متأرجحة تقليدية إلى ولاية أكثر تحفظا، في الوقت الذي يأمل الديمقراطيون الذين يعملون من أجل إعادة انتخاب بايدن، على استعادة الناخبين اللاتينيين الذين ابتعدوا عن الحزب في انتخابات 2020.
. وقال أحد سكان هياليه الذي ذهب مع أسرته لحضور المؤتمر وكذلك التصويت في الانتخابات المحلية السابقة، إن “كل ما نريده هو المضي في حياة طبيعية، لكن الكثير من السياسيين، كل ما يفعلونه هو وضع عقبات في طريقنا، لذلك ترامب هو الشخص المناسب لأنه يفتح الباب لنا”.
. اعتبر كبير مستشاري ترامب كريس لاسيفيتا، أن الحملة ستحاول الفوز بنسبة متزايدة من أصوات الأمريكيين ذوي الأصول اللاتينية في الانتخابات المقبلة، بعد أن كان لترامب أفضلية بين أصحاب الأصول الإسبانية في عام 2020 عما كان عليه الأمر عام 2016، رغم فوز بايدن في التصويت بشكل عام.
. تخطط حملة ترامب لإذاعة إعلانات أولية على محطات التلفزيون والراديو موجهة بالأساس للمشاهدين من أصل إسباني جنبًا إلى جنب مع البريد المستهدف، في الوقت الذي يعتقد مستشارو ترامب أن رسائله حول الاقتصاد والحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، والقضايا الثقافية سيكون لها صدى لدى اللاتينيين.
. وجنبًا إلى جنب، يكثف دونالد ترامب حديثه لتصوير الديمقراطيين على أنهم “اشتراكيون وشيوعيون وماركسيون”، وهي لغة ربما يتردد صداها لدى المنفيين الكوبيين والفنزويليين، الذين فروا من الفقر والاضطهاد السياسي.
. في المقابل، عقدت جولي تشافيز رودريغيز، مديرة حملة بايدن، مؤتمرا صحفيا الثلاثاء الماضي بوسط مدينة ميامي؛ للترويج لإعادة انتخابه بين اللاتينيين، كما عرضت الحملة إعلانات باللغات الإنجليزية والإسبانية، وتجمع بين كلمات كلتا اللغتين كما يفعل العديد من ذوي الأصول الأسبانية في الولايات المتحدة.
. أظهرت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، ضمن نتائج سباقات مجلس النواب في عام 2022، أن 60% من اللاتينيين دعموا الديمقراطيين، بينما صوت 39% للجمهوريين.
. وكشف تحليل أجرته شركة للأبحاث في أميركا، أن الديمقراطيين احتفظوا بدعم الناخبين اللاتينيين في عام 2022، للفوز بالسباقات الحكومية والفيدرالية الحاسمة، بولايات “نيفادا وأريزونا وتكساس”، بينما تعثروا في فلوريدا.
. واعتبر نائب الرئيس التنفيذي في شركة “Televisa Univision L2” بول وستكوت، والذي سبق وأن حللت تصويت اللاتينيين في الولايات المتحدة، أن “الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ستشهد على الأرجح إقبالاً قياسياً للناخبين اللاتينيين، ويمكن أن تقدم المزيد من المفاجآت”.
تحديات انتخابية
من جانبه، قال الأكاديمي والمحلل السياسي المهتم بالشؤون الأميركية سعيد صادق، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الأقليات دائمًا ما يميلون للتصويت للديموقراطيين بنسبة أكبر من الجمهوريين، بخلاف أن هناك العديد من التحديات التي ستواجه ترامب للفوز بأصوات الأمريكيين من أصوات لاتينية، إذ كانت هناك علاقة سيئة بينهما في سنوات سابقة، خاصة المكسيكيين عندما طالب بإقامة الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك وإجراءاته لوقف الهجرة، فضلًا عن تصريحاته العنصرية ضدهم.
وبشكل عام فإن أكبر الجماعات الأميركية اللاتينية هم المكسيكيون والذين يشكلون أكثر من 60 بالمئة من مجمل الأميركيين اللاتينيين.
واعتبرت تقارير غربية، أن التحريض ضد المكسيكيين كانت القضية التي لم يمل منها ترامب خلال سنواته الأولى في السعي نحو البيت الأبيض، إذ لم يتوقف عن سب المكسيكيين والأميركيين من أصل مكسيكي إذ قال عام 2015: “المكسيك لا ترسل لنا أفضل الأشخاص، ولكنها ترسل أشخاصا يسببون الكثير من المشاكل، يجلبون المخدرات والجريمة”.
ويُنظر الآن إلى الناخبين اللاتينيين غير الحزبيين وغير المنتسبين لأي تيار، لأن يصبحوا واحدة من أكبر مجموعات الناخبين المتأرجحة في الولايات المتحدة.
وعاد “صادق” للقول إنه “لأسباب انتخابية يقوم ترامب بمغازلة اللاتينيين الآن استغلالًا للأوضاع الاقتصادية التي تراجعت في عهد بايدن، لكنه يواجه تحديات قوية في حصد أصواتهم ويتوقف ذلك على مدى نجاحه في تطوير خطابه السياسي، وكذلك تجاهل اللاتينيين لتصريحاته السابقة”.
ويعتقد المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأميركية، أن حظوظ ترامب بشكل عام حال مضيه قدمًا في الانتخابات الرئاسية دون تأثير من القضايا التي تلاحقه، ستكون أكبر أمام الرئيس الحالي جو بايدن، والذي تراجعت شعبيته خلال الشهور الأخيرة، استنادًا إلى عوامل التدهور الاقتصادي وكِبر سنه، وحاجة الأميركيين إلى التغيير.