لم يصوّب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته امس على السلوك الملتوي لبعض القضاء فحسب، بل اراد من عياراته الكلامية الثقيلة ان تصيب مَن يسيّسون هذا القضاء ويستخدمونه لخدمة مخططاتهم الخاصة ويجرّونه الى هذا الاداء الاستنسابي الخاطئ.
الراعي سأل: أما لليل القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيس والمركبة ملفاته مسبقا أن ينجلي؟ أما لليل تلفيق الاتهامات والدعاوى والسكوت عن أخرى ساطعة أن ينجلي؟ أما لليل تجميد التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت أن ينجلي؟ أما لليل الخروج عن الدولة والشرعية والجيش أن ينجلي؟ أما لليل الهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق أن ينجلي؟ أما لليل ضرب المؤسسات الأساسية والمصارف وحجز أموال المودعين وضرب الاقتصاد الحر أن ينجلي؟ واضاف “إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان. لا، إن حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان. حذار من المس به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته، إن التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها”. وتابع “أمام حالة القضاء المحزنة والخطرة نتساءل: أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقا. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حدا لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل”.
وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” كلام الراعي كان واضحا في ادانة ما يحصل على خط القضاء – المصارف – الإعلام – القوات اللبنانية، وما قاله لا يحتمل اي تفسيرات او تأويلات في اعتباره هذه القضايا تُحرَّك لاهداف سياسية خاصة متعلقة بالانتخابات النيابية وحسابات الربح والخسارة وبمحاولات الضالعين فيها تلميعَ صورهم وتبرئة ذممهم، على حساب “ضحايا” يختارونها هم، ويضعونها في بوز المدفع مستخدمين في هذه العملية، “القضاء” وسيلة.
في الساعات المقبلة، قد يزور الراعي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، غير ان عدم رضاه عن أدائه والمنظومة، واضح، وإلا هل كان ليتحدث عن الانتخابات النّيابية، والرئاسية ايضا، كمدخل الى الخلاص المرتجى؟! تختم المصادر…