يكشف رئيس قسم التقديرات السطحيّة في مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري الدولي محمد كنج أنّ البرد الشديد لم ينتهِ هذا العام بعد، رغم بداية فصل الربيع رسمياً اليوم. إذ تقول الأرقام إنّ “منخفضاً جوّياً جديداً سيسطر على لبنان ابتداءً من الثلاثاء المقبل، سيؤدّي إلى تدنّي درجات الحرارة وتساقط الثلوج على ارتفاع 1000 متر وما فوق. وسيكون تأثير المنخفض بين يوميْ الأربعاء والجمعة أو صباح السبت، ومن الممكن أن تتدنّى الثلوج تحت الـ1000 متر”. وهذا ليس كلّ شيء، فبعدها سترتفع قليلاً درجات الحرارة، لكن نيسان قد يشهد المزيد من الأمطار وربما الثلوج والمنخفضات الجويّة.
ينفي كنج ما تداوله بعض اللبنانيين ونشرته مواقع إخبارية، عن أنّ “كثافة القصف بالصواريخ الشديدة الانفجار في أوكرانيا أدّت إلى خلل كبير جدّاً في الكتل الهوائية وفي كلّ حركة المناخ”. ويؤكّد لـ”أساس” أنّ “شهر آذار لا يشهد في العادة منخفضات جويّة قوية في لبنان ولا تتدنّى الحرارة فيه إلى هذه الدرجات. فهذا العام تخطّت الحرارة معدّلاتها الطبيعية، وتحديداً في طرابلس وزحلة حيث كانت كميّة المتساقطات الثلجية كبيرة”.
لكنّه يبشّر بأنّ هذا “سينعكس إيجاباً، إذ سيؤدّي إلى تأخّر ذوبان الثلوج وإغناء فصل الربيع بمياه الينابيع وزيادة تدفّق الأنهار، وسيترك أيضاً أثراً إيجابياً على فصل الصيف. ومن جهة أخرى، تُعتبر الأمطار والثلوج نعمةً، لكنّها تحوّلت إلى نقمة بالنسبة إلى اللبنانيين، ولا سيّما أهالي الجبال في ظلّ الحرارة المتدنّية والبرد القارس. فمع ارتفاع أسعار المحروقات وتقنين المولّدات انعدمت وسائل التدفئة أصبح همّ الناس انتهاء الشتاء في أقرب وقت”.
وفي سياق الطمأنة يقول كنج: “هذه السنة تأخّرت الأمطار. السنة المطريّة تبدأ في شهر أيلول عادةً، لكنّها تأخّرت إلى كانون الأول. ولم يشهد شهرا تشرين الأول وتشرين الثاني كمّيات أمطار تُذكر. في كانون الأول هبّت العاصفة “هِبة”، ثمّ سيطر المنخفضان الجوّيّان الكبيران “ياسمينا” و”غريتا” على لبنان في آذار”.
يلفت كنج إلى أنّ “علم الأرصاد الجوية يلحظ ما يُسمّى “الدورة الزمنية”، التي تعيد نفسها بين حين وحين. إذ تسقط أمطار شتوية غزيرة في بعض السنوات، وفي أخرى تكون الأمطار خفيفة. وليست هذه الأمور مؤشراً أو ظواهر تدلّ على دخولنا عصراً جليدياً”.
ويشير كنج إلى أنّ “السنة الماضية وصل الضغط في القطب الشمالي إلى 1,027، وكان الحدّ الأقصى الذي بلغه 1,030 “هيكتوباسكال” (قياس الضغط). يُعتبر القطبان الشمالي والجنوبي منطقتيْ ضغط مرتفع على مدار السنة، والضغط المرتفع هو الذي يولّد الرياح التي تهبّ على المناطق حيث يهيمن ضغط منخفض، والضغط تغيّر بين السنة الماضية وهذه السنة .فالكتل الباردة تأتي من القطب المتجمّد الشمالي، ومنذ منتصف كانون الثاني الماضي، أي قبل اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كان القطب الشمالي ناشطاً فوق أميركا الشمالية وكندا وشمال المحيط الأطلسي وأوروبا وشرق أوروبا وغرب روسيا ونصف قارّة آسيا وشرق آسيا ووسط المحيط الهادئ، ويستمرّ حالياً هذا الضغط المرتفع بالارتفاع، وسيمدِّد الكتل القطبية الباردة على البحر المتوسط وإيطاليا واليونان وتركيا وشمال إفريقيا”، مؤكّداً أن “لا علاقة للحرب أو الصواريخ بتغيّر الطقس”.
لكن ماذا عن طقس صيف 2022؟
يجيب كنج: “إذا كانت المناطق المدارية تعمل بشكل ناشط مع ضغوط جويّة منخفضة فقد نرى صيفاً اعتيادياً، علماً أنّ صيف 2021 شهد عدّة موجات حارّة”، متوقّعاً أن “تسجّل الحرارة في الصيف ما بين 32 و34 درجة في خدّها الأقصى”.
إذاً الشتاء مستمرّ حتّى مطلع نيسان، والصيف لن يكون شديد الحرارة كما العام الماضي.