الغثيان الصباحي خلال الحمل: آمال في علاج محتمل

أظهرت دراسة حديثة، نُشرت في مجلة Nature العلمية، أن الغثيان والقيء، اللذين يميّزان -في أغلب الأحيان – الأشهر الثلاثة الأولى من #الحمل، ناجمان في الدرجة الأولى عن هرمون واحد. وفق الباحثين، يمكن لهذا الاكتشاف أن يساعد على الوصول إلى علاجات أفضل، خصوصاً للحالات النادرة التي تهدّد الحياة.

وتؤكد نتائج الدراسة ما أظهرته الدراسات السابقة حول هرمون يُسمّى GDF15، إذ وجد الباحثون أن كميّة الهرمون المنتشرة في دم المرأة أثناء الحمل، فضلاً عن تعرّضها له قبل الحمل، ممّا يزيد من حدّة العوارض التي تعاني منها، حسب ما نشرت صحيفة The New York Times.

وفق المختصّين، تبلغ نسبة النساء اللواتي يعانين من الغثيان والقيء، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، نحو ثلثي الحوامل، في حين يدخل نحو 2 في المئة من الحوامل إلى المستشفى بسبب حالة “القيء الحمليّ المفرط” طوال فترة الحمل. يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى سوء التغذية وفقدان الوزن والجفاف؛ والأخطر أنها قد تزيد من احتمالات الولادة المبكرة وتسمّم الحمل والجلطات الدموية، ممّا يُهدّد تالياً حياة الأم والجنين.

وفق الخبراء، “بما أن الغثيان والقيء عارضان شائعان خلال الحمل، فالأطباء يتجاهلونهما – في أغلب الأحيان – ويعتبرون أن الأعراض الشديدة تعود لأسباب نفسيّة، بالرّغم من أنها السبب الرئيسي لدخول الحوامل إلى المستشفى خلال الفترة الأولى من الحمل.

كذلك حاول بعض المشاهير مثل كيت ميدلتون وإيمي شومر تسليط الضوء على أهمية هذه الحالة الطبية في السنوات الأخيرة من خلال مشاركة تجاربهن، إلا أن هذه الحالة لم تخضع للكثير من الدراسة.

وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة مارلينا فيجزو، وهي عالمة وراثة في كلية الطب بجامعة كيك في جنوب كاليفورنيا: “لقد عملت على هذا الأمر لمدة 20 عامًا، ومع ذلك لا تزال هناك تقارير عن وفيات نساء بسبب هذه الحالة وتعرض النساء لسوء المعاملة”.

تعرف فيجزو جيداً هذه الحالة الطبية، بما أنها مرّت بتلك التجربة المريرة. لقد عانت الألم شخصياً في حملها الثاني في العام 1999 حين لم يعد بإمكانها شرب أو تناول أيّ شيء من دون تقيّئه. لقد أصبحت ضعيفة جداً، وغير قادرة على المشي، في الوقت الذي كان طبيبها يرى أنّها تبالغ في أعراضها للفت الانتباه. ولكن – للأسف – تمّ إدخالها إلى المستشفى، وخسرت جنينها في الأسبوع الخامس عشر.

توضح فيجزو أنها “طلبت إلى المعاهد الوطنية للصحّة تمويل دراسة وراثية حول #الغثيان الشديد أثناء الحمل، لكن طلبها رُفض. لم تستسلم، فنجحت في إقناع شركة 23andMe باختباراتها الوراثية بتضمين أسئلة حول الغثيان الشديد في استبيانات عشرات آلاف الأشخاص. وفي العام 2018، نشرت ورقة بحثيّة تظهر أن الأشخاص الذين يعانون من الغثيان الشديد لديهم تغيير في المورِّث (الجين) GDF15”.

في الدراسة الجديدة، قامت فيجزو وزملاؤها في جامعة كامبريدج في إنكلترا بقياس الهرمون في دم النساء الحوامل وتحليل العوامل الوراثية المرتبطة بخطر الغثيان الشديد، فوجد الباحثون أنّ النساء اللواتي يعانين من الغثيان الشديد و#القيء المفرط كان لديهن مستويات عالية من المورِّث GDF15 خلال فترة الحمل مقارنة بالنساء اللواتي لم تظهر لديهن الأعراض.

كذلك يبدو أن تأثير الهرمون يعتمد على حساسية المرأة وتعرضها له قبل الحمل. على سبيل المثال، وجد الباحثون أن النساء في سريلانكا، اللواتي يعانين من اضطراب نادر في الدم يسبّب زيادة مستمرّة في مستويات بروتين GDF15، نادراً ما يعانين من الغثيان أو التقيّؤ أثناء الحمل.

وقال البروفيسور ستيفن أوراهيلي، المدير المشارك لمعهد ويلكوم للأبحاث الطبية لعلوم التمثيل الغذائي بجامعة كامبريدج، إن “التعرض لمستويات عالية من البروتين GDF15 قد يكون له تأثير وقائيّ، الأمر الذي يجعل النساء أقلّ حساسية تجاه الزيادة الحادّة في مستوى الهرمون الناجمة عن تطوّر الجنين”.

في تجارب المختبر، قام العلماء بتعريض بعض الفئران لكمية صغيرة من الهرمون. وعند إعطائها جرعة أكبر بكثير بعد ثلاثة أيام، لم تفقد الفئران شهيّتها بنفس القدر الذي فقدته الحيوانات التي لم يتمّ إعطاؤها الجرعة السابقة، ممّا يُظهر تأثيرًا قويًا لعملية فقدان الحساسية.

وعليه، تقدّم هذه النتائج أملاً في علاجات أفضل للغثيان الشديد، وفقًا لتقديرات الخبراء، إذ يُمكن للمرضى الذين يعانون من الغثيان الشديد أن يتناولوا يوماً ما أدوية لحجب تأثيرات الهرمون في الدماغ، خصوصاً أن هذه الأدوية أظهرت أنها آمنة في التجارب السريرية خلال فترة الحمل.

وتُجرى حالياً اختبارات لمثل هذه الأدوية في التجارب السريرية لمرضى السرطان الذين يعانون من فقدان الشهية والتقيؤ بسبب بروتين GDF15.

زر الذهاب إلى الأعلى