القوات اللبنانية في الصويري

أتت نتائج انتخابات ٢٠٢٢ في الصويري صورة مصغرة عن نتائجها في لبنان.

بهدوء وبلا أي ضوضاء أخذ الناس يتقاطرون صبيحة الأحد ١٥ أيار إلى صناديق الانتخابات التي توزعت على سبعة أقلام ستة للسنة وقلم واحد للناخبين الشيعة.

مناديب من مشارب فكرية مختلفة ومندوبات محجبات، وغيرهن حاسرات جلسوا وجلسن جنبًا إلى جنب في غرف الاقتراع، يثبتون اسم كل مقترع بقيده، ورقمه في لوائح الشطب.

كان مرشح القوات اللبنانية داني خاطر أول الوافدين للقيام بجولة على مركزي الاقتراع في البلدة.

ترجل المحامي الشاب غير المعروف في بلدة الصويري والذي لم يسجل له أي لقاء في الصويري ذات الخلفية السياسية المنحازة، فهي بلدة قيادي بارز في حزب البعث العراقي، وهي بلدة احتضنت سجنًا ومحطة وقود لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي بلدة ما يفوق ثلاثة آلاف متطوع في الجيش اللبناني والدرك والأمن العام، وهي أيضا بلدة لعائلتين شيعيتين تضمان ما يفوق ٤٠٠ ناخب شيعي، وهي بلدة كبار الاسرى العرب من أجل العروبة وفلسطين بين سجون إيران، وإسرائيل. وهي بلدة الناخب السني ذي الهوى المستقبلي الحريري.

ترجل داني خاطر يصافح من يلتقيه في طريقه إلى مركز الاقتراع، تعرف عنه مكنته الانتخابية بكل وضوح وقناعة بأنه “مرشح القوات اللبنانية”، فيكمل طريقه بكل ثبات نحو الأقلام يصبّح على المناديب، ويؤكد على أهمية العملية الانتخابية في هذه المرحلة العصيبة من واقع لبنان.

في إشارة لافتة، بعيدة القراءة، يدخل الرجل قلم الناخبين الشيعة، حيث تفاجأ جميع أهل البلدة بحصوله على عدة أصوات في صندوق المقترعين عشية فرز صناديق الاقتراع.

كانت النتائج المتوقعة تشير بمجملها إلى بديهيتها المألوفة في ذهينة سكان البلدة، حيث توقع الناس: مقاطعة لصالح دعوة الحريري، وفوزًا ساحقا للمانعة بأكثر من تسعين مقعدًا نيابيًا في لبنان، وتوزع أصوات الناخبين في البلدة على الترتيب التالي:

حسن مراد، محمد القرعاوي، قبلان قبلان وائل أبو فاعور، إيلي الفرزلي شربل مارون.

غير أن النتائج أتت صادمة، لينال ياسين ياسين اصواتًا تفضيلية فاقت ما ناله القرعاوي، وليحصل داني خاطر على ١٤٧ صوتًا تفضيليا، و ٤١ صوتًا ملغيًا، مقابل حصول الفرزلي ومارون وغسان السكاف وقبلان قبلان على أقل من ذلك بكثير.

هذه النتائج عكست وبشكل مصغر مزاج الناس الجانح نحو التغيير.

فعلى الرغم من عشرات السنوات التي حجز فيها مراد الأب لنفسه مقعدًا في البرلمان وفي عدة وزارات في أكثر من حكومة، وبخدمات طالت مئات الأسر، وعلى الرغم من كل الفواتير التي سددها مشفى البقاع الذي ورثه القرعاوي عن منظمة التحرير الفلسطينية، عن مرضى في البلدة، وعلى الرغم من آلاف الزيارات التي سجلها الفرزلي إلى مناسبات البلدة مهنئًا و معزيًا، إلا أن الانتخابات عكست مزاج الناس التغييري، لتكون الصويري قد شاركت وبوضوح في إسقاط مرشحي النظام السوري الداود والفرزلي والقرعاوي، لتوصل ياسين والسكاف وتمنح مرشح القوات اللبنانية خاطر نسبة لافتة من الأصوات التفضيلية، وتثبت أن القوات اللبنانية على خارطة القوى الناخبة بما يزيد على خمسة آلاف مقترع، في رقم شكك فيه كثير من مرشحي البقاع الغربي راشيا، خلال فترة تشكيل اللوائح، ليحصروه بقرابة ١٥٠٠ مقترع فقط. مع العلم أن لائحة بقاعنا أولا كانت لائحة عارية إلا من الغطاء الماروني، حيث غاب عنها المرشح السني والدرزي، وكان حضور المرشح الشيعي ومرشح الروم خجولًا إلى حد الغياب.

وبهذه النتيجة تكون القوات اللبنانية قد باتت على مساحة ١٠٤٥٢ كلم٢ من لبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى