أنتجت الأزمة السياسية والمالية والاقتصادية في لبنان حالة شاذة في التعاطي مع الملفات الساخنة في ظل فقدان الانتظام العام للمؤسسات. وليس التعاطي القضائي مع القطاع المصرفي سوى عيّنة من تلك الظاهرة!
هذا الواقع يستدعي إسراع المسؤولين إلى معالجة القضايا المطروحة، ومن ضمنها تنظيم العلاقة بين المصرف والمودِع، وحثّ القضاء على تصويب التعاطي مع القضايا المرفوعة أمامه بما يراعي المصلحة العامة، في انتظار صدور تشريعات تسمح بحماية الحقوق بما يراعي مبدأ المساواة ومعالجة الأزمة النظامية التي ضربت الدولة ومصرف لبنان والمصارف.
وإلا.. فالمصارف تتّجه إلى الإقفال التام منتصف الأسبوع المقبل، بعدما لمست لامبالاة السلطة حيال ما اعتبرته تطورات خطيرة ومُمَنهجة وغير بريئة لتدمير القطاع المصرفي… ما يعني عملياً تعليق كل العمليات المصرفية التي كانت تجري خلال الإقفال الجزئي، ومنها وقف عمل ماكينات الصراف الآلي ATMs، وتعليق كل الخدمات المالية للأفراد بما فيها سحب الأموال وقبض الرواتب والمعاشات وسواها من الخدمات الضرورية، إضافةً إلى تعليق العمل مع الشركات، ووقف فتح الاعتمادات للاستيراد، بما يؤدي إلى اضطراب اقتصادي كبير، وشلل شبه تام في كل القطاعات.
في غضون ذلك، يلفت مصدر مصرفي لـ”المركزية” إلى أن “الانتظار والترقب سيّدا الموقف لمعرفة ما إذا كانت الجهات المختصة ستتخذ إجراءات تحمي استمرارية القطاع المصرفي وحقوق المودِعين، والأهم وقف تصفية الحسابات السياسية من خلال استخدام بعض القضاة الذي باتت أهدافه مكشوفة!”.
وفي ضوء هذه الوقائع، يرى المصدر أنه “من غير المقبول الوصول إلى مرحلة يرى فيها بعض القضاة أنه من السهل اتهام المصارف بتبييض الأموال، لغاية في نفس يعقوب وبهدف قوننة المطالبة برفع السريّة المصرفيّة عن مئات الحسابات، وبمفعول رجعي منذ العام 2016، واعتبارهم أن بهذه الخطوة يسجلون انتصاراً كبيراً ولو على حساب المودِعين وسمعة القطاع المصرفي!”.
ويُشير المصدر إلى “إجماع المصارف على أن الحل هو في رفع السريّة المصرفيّة كاملاً، فهي تطالب قبل غيرها بإلغائها،عندها لا يعود على المصارف مسؤولية جزائية إن أفشت المعلومات المطلوبة”، ويوضح أن “مع إلغاء قانون السريّة المصرفيّة كاملاً، تصبح الحسابات المصرفية كافة مكشوفة أمام القضاء، وبالتالي لا يعود بعض القضاة يحتاج إلى توجيه تهمة تبييض الأموال زوراً، من أجل النفاذ إلى بعض الحسابات بهدف تصفية حسابات سياسية لا علاقة للقطاع المصرفي بها لا من قريب ولا من بعيد”.