لا يمكن لحال المراوحة أن تستمر طويلاً، والخيار لم يعد بين السلم والحرب، بل بين المناوشات والضربات المحدودة والحرب الأشمل، ولا يبدو أن الضغط الأميركي على إسرائيل سيستمر طويلاً وهو لم يثمر، وقد يكون هذا الضغط أدّى الهدف منه في تمرير مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو بهدوء نسبي ومؤقت في غزة قابله تصعيد على جبهة لبنان واستهدافات أظهرت أن ما تعلنه إسرائيل من معلومات وقدرات استخبارية هو أقل مما تخفيه وبأن هدف إبعاد “ح ز ب” الله عن حدودها الشمالية ليس وهماً أو سراباً بل خطة موضوعة تنتظر الساعة الصفر، أو اللحظة المناسبة…
تراجع الضغط الأميركي على إسرائيل وتحميل الفلسطينيين مسؤولية رفض الهدنة رافقه كلام لحركة “ح م ا س” يدعو محور الممانعة إلى وضع قرار “إزالة إسرائيل” موضع التنفيذ وهذا يشكّل انتقاداً مخفّفاً لنصرالله الذي أعلن قبل أيام بأن هذه المعركة ليست لإزالة الكيان الغاصب بل لمنعه من الإنتصار محدداً سقفاً للمواجهات علماً بأن هذا الهدف بعيد المنال كي لا نقول مستحيل، فالحزب والمحور بأكمله، وفي حال كانت لديه الرغبة، لا يمتلك القدرة ولا الجهوزية، ولن يمتلك التفوق العسكري النوعي مهما امتلك من أسلحة متطورة وعزز مخزونه، فإسرائيل في المقابل ليست في الثلاجة فهي أيضاً تطوّر قوتها وتفوقها مدعومة من دول تعتبر أمن إسرائيل هو من أمن دولها…
أمام هذا الواقع الذي تدركه وتتداركه الممانعة بكافة أطرافها، كان حرياً بهذا المحور أن يؤسس لمقاومة من نوع آخر يقوم على اساس رفاهية ورخاء واستقرار الشعوب، فيما العكس هو ما اعتمده محور الممانعة في كل مكان نجح في إيجاد موطئ قدم فيه، فدمّر وهجّر وأفقر وخنق كل فكر حر وكل إمكانية لمنافسة إسرائيل وخاصة في لبنان الذي يملك طاقات هائلة تؤهلّه لهذا المهمة لناحية التطور ونشر الحضارة والفكر، وأغرق معظم هذا الشعب اللبناني في أتون التخلّف والجهل والفساد والفقر والإستزلام والإستسلام لليأس…
أما إعلان النصر النهائي لمحور الممانعة في لبنان فهذا لن يحصل مهما انتشر التخلّف، نحن لن نستسلم وسنبقى نواة النصر المؤجّل إلى حين… ولكنه محتّم!