بين التوسّل والاستجداء، يبني رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل معركته الانتخابية علّه يحصد بعضاً من المقاعد النيابية عن طريق أصوات ليست له، فيقوم بالضغط عن طريق الحزب على حركة أمل من اجل حجز مقعد على لوائح الثنائي الشيعي، وبعدما بنى معاركه في وجه رئيس مجلس النواب نبيه بري ومقولة “ما خلّونا”، ها هو اليوم يتحالف مع الذين “ما خلّوه”.
تعويض خسارة “لبنان القوي” لبعض المقاعد لن يتم على ما يبدو، لأن باسيل على الرغم من الشعور بطعم الخسارة في بعض الدوائر، لا يزال يضع الشروط التعجيزية امام المرشحين الذين بدورهم يدركون مدى المأزق الذي يعيشه رئيس “التيار” في هذه المرحلة.
وفي السياق، يحاول باسيل إقناع مناصريه والتعمية على تحالفه مع حركة امل، إذ قالت مصادر “التيار” لـ”الجمهورية”، في لبنان لا يوجد أكثرية وأقلية بل كلّ حزب لديه مشروعه وبرنامجه وفي مجلس النواب تتشكّل الاكثريات تبعاً للملفات فأحياناً نكون مع الحزب أو ضده”.
اما في الشوف، يعاني باسيل الأمرّين، فالمفاوضات بين الثنائي الدّرزي (النائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهّاب) وبينه لتشكيل لائحة ائتلافية عن دائرة الشوف – عاليه (13 مقعداً نيابياً) متعثرة بسبب إصرار الأخير، كما قالت مصادر مواكبة لـ”الشرق الأوسط”، على انضمام الوزير السابق ناجي البستاني المرشّح عن المقعد الماروني عن قضاء الشوف في حال فوزه إلى تكتل لبنان القوي، وهذا ما يرفضه لأنه يفضّل أن يبقى مستقلاً ولا يحبّذ الانخراط في تكتل نيابي له طابع حزبي، مع أنه سبق لباسيل أن اعترض بالنيابة عن المرشح الماروني عن الشوف النائب فريد البستاني ضم البستاني الآخر أي ناجي على اللائحة الائتلافية بذريعة أنه يتقدّم عليه بالصوت التفضيلي، استناداً إلى نتائج الانتخابات الأخيرة، برغم أن الفوز لم يحالفه وكان ترشّح على لائحة تحالف حزبَيْ الاشتراكي والقوات اللبنانية”.
وكشفت المصادر المواكبة عن أن باسيل عَدَلَ في الشكل عن معارضته لضم ناجي البستاني إلى اللائحة الائتلافية المدعومة من تحالف التيار الوطني الحر مع الحزب «الديمقراطي» برئاسة أرسلان وحزب «التوحيد العربي» برئاسة وهّاب بعد أن اقتنع بأن حليفيه يصرّان على ضمّه إلى اللائحة الائتلافية واستبدل بها ضمه إلى تكتل «لبنان القوي»، وقالت إن شرطه اصطدم بتفهُّم حليفيه لموقفه، لأن ناجي البستاني يريد أن يبقى مستقلاً.
ولفتت إلى أن أرسلان ووهّاب وناجي البستاني التقوا أمس في دارة الأول في خلدة وارتأوا ضرورة إعطاء فرصة لباسيل لعله يعيد النظر بما يسمح بتهيئة الأجواء السياسية أمام ولادة اللائحة الائتلافية غير المكتملة درزياً بسبب رغبة الثنائي الدرزي في الإبقاء على المقعد الدرزي الثاني في الشوف شاغراً والآخر في عاليه، وأن تقتصر اللائحة على ترشّح وهاب وأرسلان.
وأكدت أن ضيق الوقت مع اقتراب انتهاء المهلة لتسجيل اللوائح لدى وزارة الداخلية بعد غد (الاثنين)، لم يعد يسمح بالمناورة أو المراوحة، وقالت إن المفاوضات تقترب اليوم من دائرة الحسم، وهذا ما يعطي فرصة للقاء باسيل مع الوزير السابق صالح الغريب لعله يؤدي إلى تصاعد الدخان الأبيض من قاعة الاجتماع بما يسمح بوضع اللمسات الأخيرة على أسماء المرشحين على اللائحة الائتلافية تمهيداً لتسجيلها لدى وزارة الداخلية، وإلا لا مفر من الافتراق بتشكيل لائحتين تنافسان اللائحة المدعومة من «التقدمي» و«القوات» واللائحة التي تحظى بتأييد الحراك المدني.
قضائياً، لا يزال العهد وفريقه يبحثان عن انجاز ينتشلهم من الوحول في ظل تصاعد الحمى الانتخابية التي ينتظر ان تتحكم اكثر فاكثر حسابات قوى السلطة قبل سواها من قوى معارضة او مستقلة بواقع العبور إلى يوم الخامس عشر من أيار بدليل احتدام فصول المواجهة القضائية المصرفية يوماً بعد يوم واندفاع قوى معروفة في السلطة إلى توظيف ملفات قضائية ابرزها ما يتصل بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة سعيا إلى إنجاح محاولات حمله على الاستقالة او توفير الظروف السياسية داخل مكونات مجلس الوزراء لإقالته بعد الاتفاق على بديل من الحاكم على الصعوبة الأقرب من الاستحالة للتوافق على أي بديل اقله في الظروف الحالية، وفقاً لـ”النهار”.
وفي السياق، استمرت الأنظار مشدودة إلى المواجهة القضائية – المصرفية اذ افيد أن النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون استأنفت أمس قرار تخلية رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقد أحالت الملف إلى قلم الهيئة الاتهامية.
غير ان التطور الأبرز تمثل في تسريبات متناقضة حول إجراءات قضائية تتصل بحاكم مصرف لبنان.
ونقل مساء أمس عن مصدر قضائي رفيع المستوى بأن لا صحة لكل الشائعات التي تصدر حول الزعم بأن مدعي عام التمييز غسان عويدات طلب تجميد حسابات في أوروبا لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وشدد على أن لا صحة على الاطلاق لما أوردته وكالة “رويترز” في هذا السياق.
وقال المصدر القضائي إن “القاضي جان طنوس هو من طلب ذلك وخلافاً للقانون وخلافاً لصلاحياته ومن دون العودة إلى الرئيس غسان عويدات”.
ونقلت “رويترز” في وقت سابق من بعد ظهر أمس عن “مصدر قضائي كبير” بأن “النائب العام اللبناني طلب تجميد حسابات مصرفية أوروبية تخصّ حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة”، وذلك بعد أيّام من مصادرة خمس دول أوروبية أصولاً فيما يتعلق بتحقيقات في جرائم اختلاس. وأن “النائب العام غسان عويدات بعث برسالة إلى وزارة العدل اللبنانية يبلغها بأنه طلب تجميد أصول مملوكة لسلامة وشركائه في بنوك سويسرا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا ولوكسمبورغ”.
استرعى الانتباه بعد أيّام من مصادرة خمس دول أوروبية أصولاً وعقارات تعود لمشتبه بهم في جرائم تبييض أموال واختلاس مال عام، من بينهم سلامة وشقيقه رجا، الإعلان أمس عن طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تجميد حسابات مصرفية أوروبية تخصّ حاكم المصرف المركزي. وبالتزامن استأنفت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون قرار قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، إخلاء سبيل شقيق سلامة لقاء كفالة مالية قيمتها 500 مليار ليرة، وأحالت الملف أمس إلى قلم الهيئة الاتهاميّة التي تحدد ما إذا كانت ستخلي سبيله أو تبقيه موقوفاً رهن التحقيق.
غير أنّ مصدراً قضائياً مواكباً عن كثب لهذا الملف أبدى في المقابل استغرابه “كل هذه الضجة” التي رافقت خبر طلب النائب العام التمييزي تجميد حسابات مصرفية أوروبية تخصّ حاكم مصرف لبنان، كاشفاً لـ”نداء الوطن” أنّ “هذا الطلب ليس جديداً بل عمره أكثر من شهر”، وأشار المصدر في هذا السياق إلى أنّ “القاضي عويدات راسل حينها هيئة القضايا في وزارة العدل بشأن تجميد أموال سلامة في بعض الدول الأجنبية”.
ورداً على سؤال، آثر المصدر القضائي الرفيع عدم الخوض أكثر في تفاصيل القضية، مكتفياً بالتشديد على أنّ طلب عويدات يندرج تحت سقف “مواكبة القضاء اللبناني عملية الحجز الأوروبي على حسابات حاكم المصرف المركزي، بحيث دخل أيضاً على خط هذه العملية من باب التدخل القضائي في سبيل حماية أموال لبنان ليس إلا”.