بعبدا: المعارضة بلائحتين.. وحكمت ديب يعاقب باسيل؟
لم يحسم الصراع بين أرسلان الراغب بترشيح فاروق الأعور وباسيل الطامح بضم فادي الأعور
وقعت قوى المعارضة في بعبدا في المأزق المنتظر. لكن السقطة تتناقض مع بعض قوى المعارضة، والذي يتمثل في كيفية النزول عن شجرة الهجوم السابق على حزب الكتائب اللبنانية.
شجرة الهجوم على الكتائب
في السابق افتعل بعض قوى المعارضة إشكالية الكتائب وعدم التحالف معه أو الاعتراف به كجزء من معارضة قوى 17 تشرين. وصعدت بعض المجموعات على الشجرة في الهجوم على الكتائب. وحصرت كل همها السياسي بفرز الساحات بين الرافض للكتائب والمصر على التحالف معه. وعندما أتى موعد النزول عن الشجرة للمضي بتشكيل اللوائح بات من الصعب التوفيق بين المواقف السابقة وتلك المستجدة.
ففي بعبدا لم يرشح الكتائب أي حزبي، كي لا يدخل في صراعات هو في غنى عنها مع المجموعات. انسحب من معمعة المجموعات الرافضة للتحالف معه وتلك المتمسكة بالتحالف. وفضل دعم المرشح المستقل العميد المتقاعد خليل حلو. هذا فيما رشحت الكتلة الوطنية أمين عامها المقبل ميشال حلو. وبين “الحلوين” انقسمت المجموعات: تلك الرافضة لميشال وتلك الرافضة لخليل.
الانقسام على مرشحي آل حلو
حراك المتن الأعلى يرفض خليل ويتمسك بميشال، والمحامي واصف الحركة يرفض ميشال ويتمسك بخليل. بمعنى آخر، انقلبت الآية وبات الحركة، الرافض للتحالف مع الكتائب، يتمسك بالمرشح المدعوم من الكتائب، وانتقل لرفض مرشح الكتلة الوطنية، أي حليفته في جبهة 13 نيسان.
وفي آخر المواقف التي أطلقها الحركة حيال هذا الطريق المسدود الذي وصلت إليه المجموعات حول “الحلوين”، هدد في بيان أنه في حال تشكلت لائحتان في بعبدا لن يستمر بالترشح، معتبراً أن لوائح واحدة للتغييرين قادرة على المواجهة، بينما تعدد اللوائح ليس خسارة انتخابية فحسب، بل خسارة المصداقية. لكنه تنازل وقبل بترشيح أحد المرشحين من آل حلو، إما ميشال أو خليل.
لائحتا المعارضة
المفاوضات ما زالت قائمة لرأب الصدع بين المجموعات لتشكيل لائحة واحدة، خصوصاً أن أغلب المجموعات وافقت على ميشال حلو كوجه شبابي ومعارض، رافضة خليل حلو لأنه مدعوم من حزب الكتائب، ولأن مواقفه “السيادية” تضعه على يمين القوات اللبنانية.
لكن سياسة “حافة الهاوية” التي وصلت إليها المجموعات باتت لا تهدد بتشكيل لائحتين معارضتين، بل ثلاث لوائح.
قد تتوصل المجموعات إلى قرار موحد، في الأيام القليلة المتبقية لتسجيل اللوائح، وتتشكل لائحة واحدة تضم واحداً من مرشحي آل حلو وزياد عقل عن المقاعد المارونية وواصف الحركة عن المقعد الشيعي وعبير ناجي (مرشحة حراك المتن) عن المقعد الدرزي. فالمنطق الانتخابي يقتضي تمثيل مرشحين آخرين غير أحد “الحلوين” لتمثيل مناطق أخرى في الدائرة. فمرشحي آل حلو من البلدة عينها وليس من العائلة عينها فحسب. أما في حال بقيت الأطراف متمسكة بهما، فيخرج الحركة من اللائحة ويسحب ترشيحه.
وفي حال توافقت هذه القوى على لائحة واحدة، تتشكل لائحة ثانية يعمل عليها القيادي السابق في التيار الوطني الحر، وأحد مؤسسي الخط التاريخي، نعيم عون. فبعض المجموعات تطمح بتمثيل الخط التاريخي بالمرشح رمزي كنج عن المقعد الشيعي، فيما ترشّح الأخير أتى لدعم المعارضة بأصوات شيعية غير أصوات الحركة. فالثقل الأساسي للخط التاريخي يبقى الجمهور العوني المسيحي الرافض لقيادة جبران باسيل للتيار.
وتدخل اللوائح في صراع لاستقطاب نحو عشرة آلاف صوت مسيحي، ونحو خمسة آلاف صوت درزي، ونحو ألفي صوت شيعي، قرروا التصويت لقوى المعارضة، وفق بعض الإحصاءات التي أجريت في الدائرة. وتنقسم هذه الأصوات بين اللوائح ويخسر الجميع.
صراع باسيل-ارسلان
على مستوى أحزاب السلطة، وفيما اكتملت لائحة القوات اللبنانية بالتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي والتي تضم النواب بيار أبو عاصي (ماروني) وهادي أبو الحسن (درزي) وكميل شمعون (ماروني) وسعد سليم (شيعي)، ما زالت لائحة الثنائي الشيعي-التيار العوني-طلال أرسلان غير مكتملة بعد. فهي تضم النواب علي عمار وفادي علامة عن المقعدين الشيعيين وآلان عون وفادي أبو رحال أو شادي واكد (ماروني)، فيما الصراع حول المقعد الدرزي ما زال غير محسوم. فأرسلان يريد ترشيح فاروق الأعور، فيما باسيل يطمح بضم فادي الأعور، وذلك وسط ترجيحات بضم المرشح الأول.
أصوات حكمت ديب
لكن معضلة التيار العوني في بعبدا لا تقتصر على تراجع شعبيته في كل لبنان، والرفض الواسع لخيارات باسيل في الترشح على لائحة واحدة مع حركة أمل، بل في كيفية حل إشكالية استبعاد النائب حكمت ديب عن اللائحة. إذ يبدو أن النائب ابن بلدة الحدت (أكبر خزان انتخابي) بدأ يتحرك انتخابياً، لمعاقبة باسيل، وسط سؤال عن كيفية تعامله مع الحالة التي يمثلها. وبلغة الانتخابات، ماذا يفعل بنحو ألفي صوت في الحدت وحدها، غير أصواته في باقي المناطق؟
من المرجح أن يعاقب ديب باسيل على استبعاده من اللائحة، الذي يترجم استبعاداً له من التيار، تمهيداً لمرحلة خلافة رئيس الجمهورية ميشال عون، والتي تقتضي التخلص من كل الحرس القديم. ويبقى السؤال ما إذا كان العقاب إحجاماً عن التصويت أو من خلال الانضمام إلى رفاقه من قدامى العونيين، الذين ينشطون لخوض الانتخابات بلائحة متكاملة. أي هل يجير ديب أصواته لرفاقه المستبعدين من التيار، ويضمن مستقبلاً سياسياً إلى جانبهم في الحركة السياسية التي ستطلق بعد الانتخابات، والتي تتزامن مع انتهاء عهد الجنرال؟ أم يقرر الجلوس في المنزل وينتظر على “ضفة النهر”؟