بعد اختلاف اللبنانيّين على “الساعة”… هذا التوقيت لا مفرّ منه
بعدما انفصل البلد إلى وحدات زمنيّة فصلت بين اللبنانيّين لأيّام جرّاء قرارات الحكومة، هناك توقيتٌ واحدٌ لن يتمكّن أحدٌ من مقاطعته أو التراجع عن اعتماده هو الساعة الحيويّة.
الساعة الحيويّة أو البيولوجيّة هي توقيت داخليّ خاصّ بكلّ واحد منّا وفق نضوج جهازه العصبيّ، تُنظَّم من خلاله دورتنا الجسديّة اليوميّة، وتُفرَز على أساسه الهورمونات كالميلاتونين مثلًا (هرمون النوم)، أو تختلف حتّى قدرتنا على هضم بعض المأكولات. وبسبب هذه الساعة الحيويّة أيضًا، يصعب مثلًا على لبنانيٍّ سافر إلى أميركا أو أستراليا التأقلم مع توقيت البلد الجديد من دون أن يعاني من اضطراب في النوم في خلال الأيّام الأولى.
فعلم الأحياء الزمنيّ (chronobiology) تطوّر في السنوات العشر الماضية إلى حدّ أن أصبح مجالًا يُدَرَّس عالميًّا، إضافةً إلى احتلاله ثلاث جوائز نوبل، أبرزها عام 2017.
إذًا، ساعتنا الحيويّة المحتضنة في قلب دماغنا هي التي تنظّم أيّامنا وليالينا، بغضّ النظر عن التوقيت الذي نعتمده أو الساعة التي يبرزها هاتفنا الذكيّ. فإذا كنت تعاني من مرضٍ مزمن، وتتناول دواءك عند السادسة والنصف مساءً على التوقيت الشتويّ، خذه اليوم عند السابعة والنصف بعد تقديم الساعة واعتمادك التوقيت الصيفيّ. فوفق المدير الطبيّ في مستشفى بعبدا الحكوميّ الدكتور زياد سعادة، ينتهي مفعول عدد كبير من الأدوية بعد ساعات محدّدة، كأدوية السكّري والأمراض القلبيّة، وهي تعرف بـ”الأدوية الممتدّة المفعول”. وفي حال تأخّر مريض الصرع مثلًا عن تناول دوائه ساعة، يكون معرّضًا في خلالها إلى ارتفاع وتيرة النوبات.
رغم ما سبق ذكره، أثبتت الدراسات أنّ ساعتنا الحيويّة تتأثّر بالعوامل الخارجيّة المحيطة بنا كالنور والظلمة، أو دوام عملنا. إلّا أنّ أهمّ هذه العوامل، وفق الدكتور سعادة، هي العادات التي نمارسها. بالتالي، إن اعتاد أحدنا على النوم بعد منتصف الليل يوميًّا، تتعدَّل ساعته الحيويّة لتتماشى مع نمط عيشه.
في الخلاصة، إن اتّبعتم التوقيت الصيفيّ أو الشتويّ، أو عشتم حتّى من دون ساعة أو أيّ دليل على الوقت، يبقى جسدكم الآلة الوحيدة التي ستدير وتنسّق بين وظائفكم البيولوجيّة، كقائد فرقة موسيقيّة ماهر.