بعد فضائح التقرير الأميركي.. ماذا عن المحاسبة؟

من الصعب ان يمر المرء مرور الكرام على مضمون تقريرٍ نشرته وزارة الخارجية الاميركية في الساعات الماضية صادرٍ عن هيئة “حقوق الإنسان في العالم”، وذلك نظرا لما تضمنه من “فضائح” يندى لها الجبين في معرض تقويمها للواقع اللبناني. فهو أضاء على “التدخل السياسي الخطير في الجهاز القضائي والشؤون القضائية، وفرضِ قيود خطيرة على حرية التعبير والإعلام، بما في ذلك العنف والتهديد بالعنف أو الاعتقالات أو الملاحقات القضائية غير المبررة ضد الصحفيين، والرقابة، ووجود قوانين تجرم التشهير، وقيود خطيرة على حرية الإنترنت، والإعادة القسرية للاجئين إلى بلد يواجهون فيه تهديدا لحياتهم أو حريتهم”. كما أشار التقرير إلى وجود فساد رسمي خطير رفيع المستوى وواسع النطاق، ووجود أو استخدام قوانين تجرم السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بين البالغين، وجرائم تنطوي على العنف أو التهديد بالعنف التي تستهدف المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والكويريين أو حاملي صفات الجنسين، ووجود أسوأ أشكال عمل الأطفال.

ولفت التقرير الى ان “المسؤولين الحكوميين تمتعوا بقدر من الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان، ويشمل ذلك التهرب من العمليات القضائية أو التأثير عليها”. وأشار إلى وجود تقارير من جماعات حقوق الإنسان تؤكد أن الحكومة أو وكلاءها ارتكبوا جريمة قتل تعسفية أو غير قانونية. كما أورد أن كيانات غير حكومية مثل الحزب وميليشيات فلسطينية غير حكومية تدير مرافق احتجاز غير رسمية. وتوقّف التقرير عند “حالات قتل لمنتقدين بارزين للحزب، واشتباكات بين عناصر الحزب وأفراد من القبائل”.

وفق مصادر سياسية معارضة، هذا التقرير لم يحمل مفاجآت ولا اماط اللثام عن معلومات لا يعرفها اللبنانيون بل هم يعايشون هذه الوقائع يوميا ويلمسون تداعياتها الصعبة والقاسية عليهم في تفاصيل حياتهم كلّها. على اي حال، هذا السلوك المعتور والملتوي ومعادلة “المافيا والميليشيا” التي تحكم البلاد اليوم، هما اللذان حالا دون قيام دولة فعلية في لبنان، وأوصلا البلاد الى قعر الهاوية، على الصعد كافة، فانهار الاقتصاد وحُجزت الاموال في المصارف، ودُجّن القضاء وتم تسييسه، وتمت تصفية الاحرار ومَن يتجرّأون على ان يقولوا “لا”، سيما في البيئات المغلقة، واغتيال المفكر الشيعي الحر لقمان سليم أسطع دليل، فيما عُرقل ولا يزال مسار كشف الحقيقة والمحاسبة في جريمة العصر: انفجار المرفأ.

المطلوب اليوم، تضيف المصادر، ليس قراءة التقرير وانتهى، بل ان اللبنانيين امام فرصة لمحاسبة مَن اعتمدوا هذا النهج المدمّر على مر السنوات الماضية، في صناديق الاقتراع في 15 ايار المقبل. فهل يفعلون؟!

Exit mobile version