إحترف الحرب يا سيد

أسفرت الضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية عن أضرار معنوية تفوق بحجمها الأضرار البشرية، سواء تأكد مقتل الحاج محسن أم لا. ويجب قراءة النتائج من هذه الزاوية، أي ضرب الحزب في عرينه، وفي صميمه، وفي سمعته، وفي هيبته، وادعاءاته حول توازن القوة، والردع، والردّ. فهل يختلف اثنان على أن الحزب عاجز عن الرد “المتناسق” على ضربة الضاحية؟ وهل من عاقل يعتقد أن محور الممانعة سيهبّ لدعم وإسناد الضاحية؟

لقد فضحت الغارة الإسرائيلية مزاعم الحزب حول خشيتها من قوته المتعاظمة، وهذا حدث مباشرة في بيروت وضاحيتها. وكان على الحزب لو كان محترفاً في الحرب أن يقرأ عملية “٧ أكتوبر” وأن لا يجرّ نفسه إلى “٨ أكتوبر”، معتقداً أن إسرائيل تخشاه، ومعتبراً أن شعب إسرائيل غير مستعد للحرب، ومتوهماً أن جيش إسرائيل جبان لا يقاتل على الأرض. وأظهر السيد حسن أنه هاوٍ في الحرب ولا يجيد قراءة عدوه ولا حليفه في طهران. فالتهديد باجتياح قوة الرضوان للجليل قد قام به الفلسطينيون فعلاً في غلاف غزة، والتهديد بالصواريخ القادرة على استهداف تل أبيب وحيفا وما بعد بعد حيفا قد حققه الفلسطينيون فعلاً، والتهديد بقصف مطار بن غوريون قد نفّذه الفلسطينيون فعلاً. أضف إلى ذلك ورقة يملكها الفلسطينيون ولا يملكها الحزب وهي ورقة الأسرى، ليس بضعة أسرى بل المئات. كل ذلك لم يمنع العدو من تدمير غزة بشراً وحجراً، من دون أن يتمكن السيد من دعم وإسناد غزة.

المحترف، يا سيد، لا يهرب من الحرب مهما كان الثمن إذا فُرضَت عليه. ونحن في المقاومة اللبنانية أكثر من يدرك ذلك، وأول من خاض حروباً فُرضَت علينا. ولكن، المحترف لا يهرع إلى حرب عبثية غير ملزِمة، ولا يضع عناصره وبيئته ومجتمعه ووطنه في دائرة النار، ولا يخسر ستاتيكو قائم لمصلحته، كما فعلت يا سيد وكما يفعل الهواة.

أما اليوم، ونحن أصبحنا هنا وقد حدث ما حدث ومع استحالة الرد “المتناسق”، فالمحترف لا يردّ برعونة ويحاول الحدّ من الأضرار فلا يردّ على العملية لأن العدو وخلفه قوى عظمى بانتظار أن تخطئ من جديد. أنت الآن أمام مفترق يا سيد، فإما أن تتصرف غرائزياً وبرعونة وتخسر ما تبقّى، أو تختار تسليم القرار إلى الحكومة اللبنانية وتلتزم بالحل الدبلوماسي والوساطات الدولية على الحدود وفي الداخل، وتتراجع في الملف الرئاسي. احسبها جيداً يا سيد، فهذا العدو يعني ما يقول، أما نحن فلا نريدك أن تنهزم، ولكننا أيضاً لن نقبل بأن تهزمنا، وتقتلنا، وتحكمنا.

زر الذهاب إلى الأعلى