الحزب يرفع الراية البيضاء
يبدو أن الحزب قد رفع الراية البيضاء جنوباً، ووافق على الشروط الإسرائيلية التي نقلها أكثر من موفد ديبلوماسي وأمني، وعبر أكثر من قناة اتصال، بحيث تعهّد الحزب بالإنسحاب الكامل من جنوب الليطاني والإبقاء فقط على الجيش اللبناني تُسانده قوات فرنسية راعية للإتفاق.
وما يعزز هذه الواقعة إلى أن الحزب قد تلقّى ضربات وُصِفت بالموجعة ولم يبادر إلى تحريك ساكن، ليس آخرها تدمير حي بأكمله في إحدى البلدات الجنوبية، وسقوط ضحايا ليس آخرهم مختار بلدة الطيبة حسين منصور، كما قصف مخازن أسلحة، وسقوط عدد مرتفع من العناصر المقاتلة بشكل يومي وقد تخطوا المئة ضحية، والحزب يتصرّف وكأنه عاجز حيال المشهد، وأكثر من ذلك، كان لغاية اليوم يُفاوض إسرائيل ولم يقطع خطوط التواصل معها اعتراضاً…
نعم، كل هذا التساهل من الحزب سببه أن الإنذار كان لإيران، ومفاده أن أي تحرّك ل الحزب، من خارج السياق، سيتم تدمير طهران عن بكرة أبيها بطائرات الشبح B52 فوق رأس خامنئي ورئيسي، وفوق رأس فيلق القدس والحرس الثوري…
فهمت إيران الرسالة، فغسلت يداها من “حماس” وتركتها تتخبط منفردة، وأكثر من ذلك، فقد اعتبرت طهران أن ما قامت به “حماس” لم يكن مُنسّقاً معها ولا على علم به، وبالتالي أوعزت لكل أذرعها، ومنهم الحزب إلى الإنضباط التام وعدم التمادي في العمليات كي لا يُراق الدم الإيراني ولا تهدم طهران، فتجاوب “الأخوة” حفاظاً على مصالح إيران وليس صوناً للبنان…
مختصر مفيد، ستثبته الأيام والأسابيع القادمة، مفاده أن الحزب تاجر وليس مقاوم، فصيل ينفّذ أجندة إيرانية، ولا يربطه بلبنان سوى أنه ساحة لجني الأموال عبر المعابر والمرافق والتهريب، فلا قلبه على لبنان ولا عينه على الحدود، إنما على ما تبقّى من خير وخيرات… والسلام.