بوريسي وسلامة وجهاً لوجه: مفاجآت ومستندات دامغة!
كان باستطاعة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عدم حضور جلسة تحقيق معه دعاه اليها القاضي شربل أبو سمرا، وحدد غداً الأربعاء موعداً لها. وكان بإمكانه تقديم دفوع شكلية، إلا أن مصادر دبلوماسية أكدت لـ”نداء الوطن” أن “مراسلة فرنسية عاجلة وصلت لبنان، تطلب حضور القاضية أودي بوريسي الجلسة”.
حتى الأربعاء الماضي لم يكن الطلب مستجاباً، فاذا باتصال من خارج الحدود، بحسب المصادر عينها، “يضع سياسيين وقضاة لبنانيين أمام حقيقة تلكؤهم وكشف تسللهم، مع تأكيد أن ما يمارس في لبنان من دفوع شكلية ورد للقضاة وتضييع للوقت والتفاف على القوانين بات يهدد حيث يوجع مستخدمي هذه الأساليب”. فإذا بالسيناريو يتغير بسرعة البرق مع الطلب من سلامة الحضور “لأن القصة مش مزحة” وفقاً للمصادر المعنية المتابعة. وبنهاية الأمر يفترض ان تعقد جلسات خلال يومي الخميس والجمعة للاستماع الى رياض سلامة وشقيقه بحضور القاضية الفرنسية.
أما ان المستنطق هو ابو سمرا وحده دون غيره، فتلك قصة لن تجري عملياً كما يسوق لها نظرياً وفقاً للمصادر التي تضيف: “فالقاضية بوريسي ستطرح ما تريد من اسئلة عبر ابو سمرا الذي أخذ تعليمات بالتعاون الكامل من دون التحجج بالسيادة واستقلالية التحقيق اللبناني عن الأوروبي”.
ويذكر أنه سبق للقاضية الفرنسية ان استمعت الى كل دفاعات سلامة عبر محاميه في باريس وأبرزهم بيار أوليڤييه سور، وشكلت قناعات دفعتها لوضع صديقة رياض سلامة الأوكرانية في باريس آنا كازاكوڤا (والدة إبنة له) على قاب قوسين أو أدنى من الاتهام وطلب المحاكمة والسجن، لولا تنصل كازاكوڤا بجملتها الشهيرة “كل هذه العمليات والأصول (المشبوهة) لرياض، وانا لا علاقة لي بها”.
وتوضح المصادر “أن القاضية بوريسي لم تأخذ بما قدمه المحامون في باريس، سواء لجهة أصل الثروة التي بدأت أوائل التسعينات بنحو 32 مليون دولار، ولا بتنصله من شركة (فوري) التي جمعت عمولات بنحو 326 مليون دولار، ولا بأن العمولات هي مال خاص وليس عاماً، ولا بالتدقيق الذي اجراه مكتب غلام وسمعان لثروة سلامة على انها نظيفة وفيها تفاصيل كثيرة مثل كيف تكاثر مبلغ أودعه في بنك الموارد، ولا بأنه حامل جوائز عالمية وأوسمة أبرزها من الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، ولا بأنه موثوق من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المالية يوسف خليل بدليل انهما أدخلاه في فريق التفاوض مع صندوق النقد”… إلى آخر الروايات التي وجدها القضاء الفرنسي مضحكة في جانب منها ومتناقضة في جانب آخر، فضلاً عن ثغرات هائلة فيها تخفي شبهات الإختلاس والتزوير والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال.
وتشير المصادر إلى “أنه لا ينقص بوريسي الا رؤية رياض سلامة وجهاً لوجه أخيراً، وسماع أجوبته على بعض الأسئلة (الأفخاخ) المفصلية الكفيلة بتوجيه الاتهام اليه اذا كانت الأجوبة كتلك التي قدمها محاموه في باريس. وبين المفاجآت أنه بات بحوزة محققين أوروبيين مستندات دامغة على علاقة رياض سلامة بحصيلة عمولات شركة “فوري” مثل شيكات موقعة بالتجيير على ظهرها من حسابات رجا الى رياض سلامة. وعليه التبرير الصعب، ان لم يكن المستحيل”.
على صعيد آخر، يبدأ اليوم الاضراب المصرفي المعلل من المصرفيين بضرورة “لجم مآلات قضايا المودعين، والاسراع في اعتراف الدولة بأنها هي من بدد ودائع الناس، وبأن لا خروج من الأزمة بالطريقة التي يطلبها صندوق النقد”.
في حمأة هذه الأحداث، عاد سعر صرف الدولار الى الصعود، وبلغ مساء أمس حدود الـ 99 ألف ليرة، ما يعني أن رقم الـ100 الف الذي كان مستبعداً جداً بداية العام، بحسب مصرف لبنان، بات اليوم حقيقة فاقعة. وبذلك يكون الدولار قد صعد منذ مجيء ميقاتي الى رئاسة الحكومة من 13 الفاً الى 100 ألف اي بنسبة 670% مقابل نسبة 490% لسلفه حسان دياب، ما يعني أن مسار الإنهيار مستمر بقساوة شديدة ستدفع بفئات اضافية من المجتمع إلى خانات الفقر المستشري.