تحصين قواتيّ لمواجهة ضخّ “الممانعة”… قيومجيان: لا ننتظر تسويات
تمضي “القوات اللبنانية” في تأكيد حذافير مقاربتها الرئاسية الرافضة أي تسوية مؤدّاها وصول اسم من الفريق “الممانع” إلى رئاسة الجمهورية. أغلق رئيس “القوات” سمير جعجع في تصريحه قبل ساعات المنافذ إلى القصر الرئاسي أمام “أيَّ مرشّحٍ من محور الممانعة، مهما كان اسمه أو هويته؛ هو الفراغ بذاته”، مدشّماً المعركة بسواتر سياسية وحصون نيابية في مواجهة إصرار “الحزب” على مرشّح أوحد واستمراره في محاولة “ضخّ اسمه” للرئاسة. وأتى موقف معراب ليدشّن “أبراج مراقبة” ومعاينة أيّ طريقة قد يتّبعها ذاك المحور للخرق، والتصدي لها، في وقت تتمسّك “القوات” بدعم تعبيد طريق الرئاسة أمام “إصلاحيين سياديين ليخرجوا الشعب من الأتون الذي تسبّب به هذا المحور”، وفق ما أورده جعجع في الأسباب الدافعة إلى تكثيف العتاد والعديد السياسيَّين منعاً لدخول مرشّح غير مؤهّل إلى القصر.
“ع القصر ما بتفوتوا”، شعارٌ لموقف مبدئي تقرأ “القوات” أبعاده من هذا المنطلق أيّاً تكن التطورات أو التسويات أو التمنيات. ويبدو جلياً أن معراب لن تتراجع عن “تصميمها العملي” الذي وضَعَته لاستحقاق الرئاسة الأولى، مع الإشارة إلى القيام بكلّ ما يمكن الاستناد إليه لايصال مرشّح قوى المعارضة الذي يستمرّ “خطّة أساسية” لا تراجع عنها حتى اللحظة. وما يمكن أن يخلفها من “خطة باء” يقوم على اختيار مرشّح توافقيّ، خارج إطار القبول بتسوية توصل مرشح “الحزب” إلى منصب الرئاسة الأولى. وتسعى “القوات” إلى تظهير هذا الموقف اليوم أكثر من أي وقت، في اعتبار أن ما تقوم به يمثّل ترجمة عملية حتى لا يستطيع مرشح “الحزب” الحصول على 65 صوتاً وتأمين نصاب جلسة نيابية تؤدي إلى انتخابه. وفي المقابل، هناك شخصيات لبنانية كثيرة يمكن أن تدعمها “القوات” في اعتبارها تتمتع بالمقدرة اللازمة والقيمة البارزة للوصول إلى موقع الرئاسة، أما تمسّك “الحزب” بمعادلة إما مرشحه وإما الفراغ فيشكّل محاولة تدميرية البلاد عن سابق تصوّر وتصميم.
وفي استطلاع “النهار” للمعطيات حول القوى المعارضة التي تلاقي “القوات” في موقفها، فإن حزب الكتائب وكتلة “تجدّد” النيابية وبعض النواب التغييريين والمستقلين سينتهجون الأسلوب نفسه في محاولة قطع الطريق أمام وصول مرشح “الممانعة” حتى اذا تبلورت تسوية معينة. وفي المقابل، تتمهّل بعض تكتلات المعارضة وكذلك بعض المستقلين والتغييريين في إبداء موقف قبل تبيان مفاصل أي جديد وعلى ماذا يمكن أن تستند أي تطورات.
في غضون ذلك، يقول رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية الوزير السابق ريشار قيومجيان إن “فريق “القوات” لا ينتظر تسويات أو أضواء خارجية مع الحرص على توضيح مسألة مماثلة أمام القوى المحلية المراهنة على امكان سير “القوات” في تسوية استناداً إلى المعطى الاقليمي”. ويلفت قيومجيان لـ”النهار” إلى أنه “حتى الآن، المعطيات المتوفرة واضحة لدى “القوات” بأن الحلفاء العرب لن يسيروا بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وإلا لما وضعت كلّ هذه الجهود لإقناع دول الخليج العربي به. وتحاول بعض المواقف المحلية ضخّ مقاربات غير واقعية، مبنية على إدارة فرنجية مشروعاً رئاسياً بعيداً عن “الحزب”؛ وإذا كان في إمكان مرشح القوى “الممانعة” إعادة النازحين السوريين، فلماذا لم ينجحوا في ذلك خلال حقبة الرئيس السابق ميشال عون؟ وهل ما لم يكن متوفّراً لعون ما سيتوفر فجأة لفرنجية؟ وهل يسلّم “الحزب” سلاحه بمجرّد مونة فرنجية عليه؟”.
يركّز قيومجيان على أنه “لا ضمانات يمكن تقديمها حتى من “الحزب” نفسه وراعيته ايران إذا وصل مرشّحه للرئاسة. وتبدو المسألة شبيهة بإعطاء النظام السوري ضمانات بعدم التعرّض للرئيس الشهيد رفيق الحريري ثم اغتاله؛ فأي ضمانات من أنظمة “الممانعة” المجرمة التي حوّلت بلدانها إلى دول مارقة؟”. ويضيف: “لا تعني أجواء التهدئة القائمة في المنطقة الموافقة على سيناريوات كتلك التي يحاول محور “الممانعة” في لبنان الاشارة إليها”. ووفق استطلاع “القوات” لأحدث المعطيات، يضيء قيومجيان على أن “هناك محاولة للسير بفرضية أن يختار “الحزب” رئيس الجمهورية المقبل، في مقابل اختيار رئيس للحكومة تؤيده القوى السيادية والسعودية. لكن، في رأينا لا أفق لهكذا معادلة. والمستغرب الامعان في محاولة “الممانعة” ضخّ هكذا معادلة في غياب “خطة باء” حتى اللحظة”.
ويقرأ قيومجيان أن “هناك محاولة أخيرة لجسّ النبض العربي والدولي حول ترشيح فرنجية. وإذا حصل ذلك، ستوضع المعارضة أمام واقع معين؛ وعندئذٍ، هناك تساؤلات تطرح حول مدى استطاعة القوى السيادية منع انتخاب فرنجية، فيما قد تتشتّت التكتلات المعارضة ويتأثر عدد من النواب بالأجواء الاقليمية. والحال هذه، ستحاول “القوات” قدر المستطاع التمسّك بموقف المعارضة وعدم تأمين فرصة انتخاب فرنجية”. وفي الاستنتاج “القواتي” العام الذي يؤكده قيومجيان، فإنه “إذا وافق “الحزب” على السير في تسوية عندها يمكن الاشارة إلى أسماء عدّة، كالنائب السابق صلاح حنين وقائد الجيش العماد جوزف عون كنموذجين توافقيين إذا أيّدهما الفريق الآخر. لكن، يبدو أن “الحزب” لا يريد رئيساً خارج إطار محوره فإذا به يدعم فرنجية الذي يتأثر قراره به مباشرةً وينتمي إلى مقاربته السياسية والاستراتيجية نفسها. لكن، ليكن معلوماً أن النمط السابق لم يعد ممكناً بعد خراب البلاد وسط انهيار يحتّم رفض مرشح رئاسي للفريق “الممانع” والتأكيد على ضرورة الوصول إلى مستقبل مختلف للبلاد والمجتمع”.