بمعزل عن أن “ما في شعب بلبنان”، وعن أن لا شعب حقيقياً ومُحترماً حول العالم يُمكنه أن يقبل بسلطة كالتي تحكمنا، بأفرقاء موالاتها ومعارضتها على حدّ سواء، و(بمعزل) عن أن الشعوب الواعية تحطّم “الأخضر واليابس” فوق رأس أي مسؤول يمارس حكمه كما يفعل الحاكم في بلدنا، ننظر الى أنفسنا والى سجننا الداخلي.
داخلي
فحصارنا هو داخلي، من قِبَل الأحزاب، والتيارات، والشخصيات… السياسية وتلك المتحكِّمَة بحياتنا، وليس بسبب الولايات المتحدة الأميركية والغرب. فالعالم لا يزال يهتمّ بحاجاتنا من الأمور الإنسانية، وهو يُرسل وفوده التي تناقش من يجلسون “على الكراسي” لدينا، في تلك الشؤون. ولكن أركان الحُكم اللبناني بفرعَيْه الموالي والمعارض يتفرّجون على حاجاتنا الإنسانية، فلا يفعلون شيئاً لتأمينها، ولا يوضحون للعالم حَجْم مخاطر النّقص المُتزايِد لتلك الحاجات في لبنان، والتي تتسبّب بضيق يومي شديد.
3 أطراف
حصارنا داخلي، حيث السّجن ومفتاحه يرزحان تحت نير ثلاثة أطراف:
*الأول، هو ذاك الذي ينتظر النّفط والغاز بفارغ الصّبر، ليموّل نفسه، وفساده، وأنشطته غير الشرعيّة.
*الثاني، هو ذاك الذي يتلذّذ بانحلال دولة يرفض المشاركة بحكوماتها، فيما “ينتشي” بأن الوضع باقٍ فيها على انهياره مهما طال الزّمن، ظنّاً منه أن ذلك يُظهر مصداقيّته ويؤكّد صوابيّة خياراته، وأنه الفريق “السيادي” الذي سينتظره الجميع “ليشيل الزّير من البير” عندما “يهرهر” خصمه اللاشرعي.
*الثالث، هو ذاك الذي تسبّب بالانهيار المالي والاقتصادي، والذي “هلكنا” بانقلابه على التسويات التي منحته الحُكم قبل سنوات قليلة، والذي “يفرح” حالياً بعدما انتهت مدّة حكمه قبل أشهر قليلة، وهو يقول “شفتوا إنّو مش الحقّ عليّي”، “فها ان الانهيار تضاعف بعد خروجي من السلطة”.
تبييض أموال
وخطيئة الأطراف الثلاثة السابق ذكرها، مُميتة، لأنها تنظر الى موتنا اليومي بالانهيار كفرصة ذهبيّة بيدها لن تتكرّر في وقت لاحق، وهي تستعملها في وجه خصومها من دون الأخذ في الاعتبار أن شريحة مهمّة من اللبنانيين تموت بالفعل.
فمن ينقذنا من تلك الأطراف كلّها، الغير شرعيّة، والغير صالحة، والتي هي مع كل المجموعات المختلفة التي تدور في فلكها، منغمسة بكل أشكال وأنواع تبييض الأموال، والأنشطة القذرة.
لا يريدون
شدّد مصدر واسع الاطلاع على أن “أسباب الانهيار اللبناني داخلية 100 في المئة، إذ لا أحد في الخارج توقّف عن متابعة الشؤون والحاجات اللبنانية في أي يوم من الأيام. ولكن المسؤولين اللبنانيين هم الذين أبعدوا الجميع عنّا، لكثرة ما كذبوا على دول العالم. فهؤلاء هم الذين اخترعوا المشاكل، وسوّقوا لوجود حصار، وها هم يقولون إن العالم يحاربنا”.
وأكد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أن “لا أحد في الخارج يمنع الحكومة الحالية، ولا أي مسؤول لبناني من العمل. وبالتالي، لماذا لا يقومون بشيء نافع؟ السبب هو أنهم لا يريدون”.
ضربة قاضية
وأشار المصدر الى أن “لا أحد في الخارج يمنع القيام بالخطوات الإدارية اللازمة للبَدْء بالإصلاحات، ولوقف التهريب المدعوم والمُمارَس من جانب كل الأطراف الفاعلة في البلد. فهذا التهريب يموّلهم، وهو يُلغي نحو ثلث مداخيل وميزانية الدولة، ويتسبّب بمضاربات غير شرعيّة في الداخل اللبناني، ويُمعن في إفقار الطبقة الوسطى التي تدفع الضرائب. والمهرّبون هم جزء أساسي من الحكّام في البلد”.
ولفت الى أن “انهيار لبنان حصل أيضاً بسبب تهريب الأموال السياسية والحزبية، وتلك الغير سياسيّة، بُعَيْد انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول 2019. فوصلنا الى حقبة طبع العملة المحليّة كغطاء لعجز الدولة. وهو انهيار مستمرّ لم نصل الى نهايته بَعْد، ضمن جرّة مكسورة تفرغ أكثر فأكثر”.
وختم:”حتى إن مشروع “كابيتال كونترول” بصيغته التي يريدونها، لن يكون أكثر من ضربة قاضية للمالية العامة في لبنان، ولودائع أضعف الشرائح الاجتماعية في البلد. فهم يريدونه وسيلة دائمة لتهريب أموال كبار القوم الى الخارج، من دون رقيب أو حسيب، وبما يمنع أي محاسبة. فلا تنتظروا الأفضل، خصوصاً أن الحكومة الحالية هي الأسوأ في التاريخ اللبناني الحديث، ولا أحد يحترمها أو يصدّقها في الخارج”.