حاصباني: أسبوعان ويتظهَّر الفريق السياديّ

لا يزال ترتيب الكتل النيابيّة وتنظيم مكوّناتها يشكّل الحدث الانتقالي الأبرز إلى الساحة البرلمانية. وتضطلع “القوات اللبنانية” بدور أساسيّ في حركة المشاورات والتواصل التنسيقيّ مع مجموعة من نواة الكتل السياسية والنواب المستقلّين، بهدف بلورة صورة واضحة ونهائية لتوزّع موازين القوى وألوان الفرق النيابية والمواقف المبدئية من الاستحقاقات المقبلة. وينتظر انقشاع الإطار التموضعي لعدد من النواب وإمكان انضمامهم إلى تكتلات كبرى أو تحديد بوصلتهم التعاونية. وتستطلع “النهار” كواليس المقاعد البرلمانية وسط أضواء مطفأة حتى اللحظة، مع عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني الذي ينطلق في مقاربته من التعبير عن مساحة ضوئية سياديّة يرتسم داخلها عمل تعاونيّ بين النواب الذين سيتمركزون داخلها. ويقرأ حاصباني أن “هناك عدّة أنواع من المجموعات التي دخلت مجلس النواب، أكانت تقليدية أو جديدة أو تقليدية متجدّدة. فإذا حصل تلاقٍ جديّ ونيّة للعمل على أفكار أساسيّة في موضوع السيادة، فإنّ “القوات” كتكتّل وازن يفترض أن يكون حوله مجموعة من النواب المقرّبين، يتحلّون بالمقاربة نفسها ويتعاونون مع بعضهم البعض. وثمة نقاش دائر مع دينامية مفتوحة دون حسم نهائيّ لناحية المجموعات التي ستتظهر نيابياً بين الخط السيادي أو خارجه. وتتطوّر المسائل لجهة معرفة من هؤلاء الأشخاص، وسط مجموعات تحاول جمع بعضها أو تفضّل أن تكون مستقلّة”.

وكانت أضيئت الأضواء فوق مقاعد تحدّدت توجّهاتها سريعاً بعد الانتخابات لجهة التحالف بين تكتل “القوات” وكتلة اللواء أشرف ريفي. ويؤكد حاصباني، رداً على سؤال، أن “اللواء ريفي أعلن أنه حليف “القوات” وسط تناغم كامل مع مقاربتها. ويتضح أن التوجه العام لدى مجموعة من النواب، هو من نفس توجّه “القوات”؛ وأن توجّه “القوات” من نفس توجّههم. كما يستمر التواصل مع نواب مستقلين في ظلّ تكتلات بدأت تنشأ وانفتاح على أي نوع من التواصل مع اتفاق على الخط السيادي والاصلاحات. ولا بدّ من التطلّع إلى معطيات هذه المرحلة لجهة من يستطيع أن يستمدّ قوّته من الآخر للتعاون والتوثيق”. وفي المقابل، يلفت إلى أن “هناك بعضاً آخر يزايد على الآخرين. ولا أعتقد أن المزايدين سيعملون مع “القوات” أو سواها، بل يستمرون في أحجام صغيرة هدفها المزايدة على المعارضة، ومعارضة المعارضة بدلاً من التصرّف كأكثرية نيابية. تتوقف المسألة على من يريد التصرّف كأكثرية لإحداث التغيير الفعلي”. وعن الأخذ والرد الذي تظهّر في الأيام الماضية حول الحلقة التكتلية التي تضم الكتلة النيابية الأكبر، يشير حاصباني إلى أنه “لا بد من تحالف وثيق وواضح بين أشخاص ملتزمين بقرارات التكتل باعتبارهم نواباً يكمّلون عدد الكتلة. كان للتيار الوطني الحرّ تجربة مع بداية العهد، عندما شكلوا تكتّلا كبيراً انتهى بابتعاد مجموعة من النواب عنه وتركه”.

يسلّط “البروجيكتور” البرلماني في الأيام المقبلة على مقعدي رئاسة المجلس ونائب الرئيس، فأي استعدادات في هذا الإطار على الصعيد “القواتي”؟ يوضح حاصباني أنه “حصلت الاشارة إلى معايير لاختيار الرئيس ونائب الرئيس. لم أرشّح نفسي ولم أترشّح. وضعنا مواصفات عامة التي لا بدّ من التميّز بها على صعيد رئاسة المجلس النيابي ونيابة الرئاسة. إذا اعتبر الأفراد والمجموعات والأشخاص الأكفأ في مجلس النواب، أن هذا النائب موجود بشخصية معينة ويستعدّون للتصويت له، هذا يحصل من الآن وحتى تحديد الجلسة. ويُعتَبر التفكير في المواصفات المعطى الأهم لأن ترشيح 5 أشخاص من مجموعات مختلفة دون تأمين أصوات وازنة لهم، سيؤدي إلى فوز من أمّن أصواته في (بلوك) واحد. والأهم أن يكون للمقاربة السيادية وزناً سياسياً واضحاً في مجلس النواب، والتواصل مع الأفرقاء السياديين للعمل التشاركي ومنعاً لتضييع أي قرارات. لا بدّ من جبهة متماسكة للتغيير بدلاً من الأفكار المبعثرة والنمط الذي يمكن أن يجرّ مجلس النواب إلى تفكّك وضياع”.

يرى حاصباني أن “الخيارات ستتظهر خلال أسبوعين، بين من هو سيادي وجديّ في العمل الاصلاحي وعلى جهوزية للتعاون مع السياديين الآخرين، ومن ليس جاهزاً للانفتاح على من يشبهه. وإذا كان أمام الناس أربع سنوات للمحاسبة من جديد، إلا أن باستطاعتهم التحرّك في الشوارع إذا ما تعرّضوا للإحباط والخيبة. وإذا لم تتبلور مواقف واضحة وسط استمرار تدوير الزوايا لدى البعض وغياب الاتفاق الواضح بين القوى السيادية التغييرية، لا يمكن أن نرى تغييراً. وإذا استمرت الأكثرية المعارضة لفريق “الحزب” عدّدية فحسب، ولم تتصرّف كأكثرية متناغمة ستتحوّل حينئذ أقليات متناثرة”، لافتاً إلى أن “الناس اختارت التغيير على أساس مشروع واضح. وأي تبديل في الخطاب بعد الانتخابات، سيؤدي إلى محاسبة المنتخبين شعبياً. إنها لحظة الحقّ وليست مجرّد تعامل سياسي أو تبادل للتوازنات. إما مسار صحيح للتصحيح، وإما الانهيار التام”. ويستنتج أن “انفتاح “القوات” سيكون على من نلتقي معهم على أسس الإصلاح والسيادة والتغيير الفعلي. وفي المقابل، لا يساعد جدّاً التواصل مع بعض الذين يعتبرون أنفسهم تغييريين، لكنهم غير سياديين ويفكّرون بطريقة مختلفة. هؤلاء يصنَّفون في مكان آخر. وهناك سياديون تقليديون يتحدثون في التغيير، لكن قد يكون لديهم نية التقوقع في المعارضة، بدلاً أن يكونوا في صلب التغيير. سنتواصل مع كلّ المكونات التي ثمة إمكانية للتواصل معها في مجلس النواب. ويحتاج النائب التغييري إلى العمل في إطار فاعل ليكون تغييرياً في العمل، لا في الخطاب فحسب”.

Exit mobile version