في تطور غير مسبوق في الموقف الإيراني من الحرب في غزة، قالت أمس وكالة «رويترز» إن المرشد الإيراني السيّد علي خامنئي أوصل رسالة واضحة إلى رئيس المكتب السياسي لـ»حركة حماس» إسماعيل هنية مفادها: «لن ندخل الحرب، وأسكِت الأصوات التي تنتقدنا و»الحزب». ووفق معلومات لـ»نداء الوطن» من مصادر ديبلوماسة عربية أنّ إيران أبلغت مصر أنها لن تدخل في الحرب المفتوحة وكذلك «الحزب».
وفي انتظار معرفة كيف تتفاعل هذه المعطيات، يتصدر لبنان الجهات التي تتأثر بهذا التحول الإيراني انطلاقاً من الارتباط العضوي بين «الحزب» وايران، علماً أنّ الموقف المعلن لـ»الحزب» قبل نشر ما نسب الى خامنئي هو الاستمرار في المواجهات مع إسرائيل، على الرغم من أنّ نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قال أمس: «أمَّا هل تحصل الحرب الآن أم لا؟ فهذا مرتبط بالتطورات التي تحصل في غزة، ومرتبط أيضًا بقرار إسرائيل أن تبادر في الحرب، وهذه من الأمور التي نجهلها الآن».
ماذ جاء في تقرير «رويترز»؟ أوردت إستناداً الى ثلاثة مسؤولين كبار، قولهم إنّ خامنئي «أوصل رسالة واضحة» إلى هنية عندما التقيا في طهران أوائل تشرين الثاني الجاري: «أنت لم تقدّم لنا أي تحذير في شأن هجوم 7 تشرين الأول على إسرائيل، ولن ندخل الحرب نيابة عنك». وأضاف إن إيران – الداعم القديم لـ»حماس» – «ستواصل تقديم دعمها السياسي والمعنوي للجماعة، لكنها لن تتدخل بشكل مباشر»، حسبما قال مسؤولون في إيران و»حماس» اطلعوا على المناقشات، وطلبوا أن تبقى أسماؤهم طي الكتمان.
وقال مسؤول في «حماس» لـ»رويترز» إن المرشد الأعلى ضغط على هنية لإسكات تلك الأصوات في الحركة التي تدعو علناً إيران وحليفها اللبناني «الحزب» إلى الانضمام إلى المعركة ضد إسرائيل بكامل قوتهما.
ووفق الوكالة، فإنّ «الحزب» فوجئ أيضاً بالهجوم المدمّر الذي شنته «حماس» الشهر الماضي، وأسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي. وقالت ثلاثة مصادر قريبة من «الحزب» إنّ مقاتليه لم يكونوا في حالة تأهب حتى في القرى القريبة من الحدود التي كانت بمثابة الخطوط الأمامية في حربها مع إسرائيل عام 2006، وكان لا بد من استدعائهم بسرعة. أما أحد قادة «الحزب» فقال: «لقد استيقظنا على الحرب».
وقال مصدران أمنيان إسرائيليان، طلبا عدم الكشف عن هويتيهما، «إنّ إسرائيل لا تسعى إلى انتشار الأعمال العدائية»، لكنهما أضافا «أن البلاد مستعدة للقتال على جبهات جديدة، إذا لزم الأمر لحماية نفسها». ولفتا الى أنّ مسؤولي الأمن يعتبرون أنّ التهديد المباشر الأقوى لإسرائيل يأتي من «الحزب».
وفي سياق متصل، علمت «نداء الوطن» من مصادر ديبلوماسية عربية أنّ طهران أبلغت القاهرة أنها لا تريد الدخول في الحرب المفتوحة، كما لا تريد أن يفعل «الحزب» ذلك. وأوضحت أنّ الجانب الإيراني أبلغ الجانب المصري أنه يتطلع الى دور مصري يؤدي الى ممارسة ضغوط دولية، ولا سيما أميركية، على اسرائيل كي توقف عدوانها على غزة. وأشارت الى أنّ مصر التي وقفت ضد تهجير سكان غزة الى سيناء، تقف اليوم ضد نزوح هؤلاء السكان من شمال غزة الى جنوبها، ولفتت المصادر الى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجهد كي «يورّط» الولايات المتحدة «أكثر فأكثر» في الحرب، كما أنّ نتنياهو يعاني مشكلة النازحين الإسرائيليين من المستوطنات الشمالية على الحدود مع لبنان، وكيف سيرتب عودتهم الى هذه المستوطنات في ظل التطورات الميدانية المستجدة على تلك الحدود. وتوقعت المصادر أن تستمر الحرب في غزة حتى نهاية السنة الحالية.
وفي السياق نفسه، صرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة تلفزيونية، أنّ طهران وبيروت «لا تريدان التورط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولن تشاركا فيه إذا لم تكن هناك استفزازات».
في المقابل، أكّد منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتّحدة مارتن غريفيث أنه ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بحثا في المخاوف في شأن ما قد يترتب على توسّع الحرب في غزة، وقال غريفيث خلال إحاطة صحافية في جنيف: «إذا نشبت حرب في الشمال بين الحزب وإسرائيل، فأنا أخشى الأسوأ» .
ومن حرب غزة الى ملف قوات «اليونيفيل» في الجنوب. وبعد المعلومات التي أوردتها «نداء الوطن» أمس عن إفراج المحكمة العسكرية عن محمد عياد المتهم بقتل الجندي الإيرلندي شون روني، في حادث إطلاق النار في الصرفند على جيب تابع للقوة الدولية، أعلن الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، أنّ «بعثة حفظ السلام اطلعت على التقارير التي تفيد أنّ السلطات اللبنانية أطلقت الليلة الماضية سراح الشخص الذي اعتقلته، بعد الهجوم الذي أدّى إلى مقتل جندي حفظ السلام التابع لليونيفيل شون روني بسبب تدهور حالته الصحية». وقال: «نعمل على التأكد من هذه المعلومات من المحكمة العسكرية». وذكّر بأنّ «الحكومة اللبنانية أعلنت في مناسبات عدة التزامها تقديم الجناة إلى العدالة»، مشيراً إلى أنّ «اليونيفيل» تواصل «الحض على محاسبة جميع الجناة وتحقيق العدالة للجندي روني وعائلته». وقال مسؤول لبناني إنّ عياد أفرج عنه بكفالة تبلغ 1.2 مليار ليرة لبنانية (حوالى 13,377 دولاراً).
ومن ناحيته، شبّه النائب أشرف ريفي إفراج المحكمة العسكرية عن عيّاد بـ»الإفراج عن المتهم بقتل الرائد الطيار سامر حنا»، وبـ «محاكمة عشائر العرب في أحداث خلدة»، وقال: «النتيجة واحدة: المحكمة العسكرية أداة في يد «الحزب»، ولبنان يدفع الثمن»، سائلاً: «كيف يُبنى وطن بصيفٍ وشتاء تحت سقفٍ واحد؟».