قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات النيابية وبعدما استقرّ سعر صرف الدولار لفترة في مدار الـ 20000 ليرة لبنانية، خرج منها إلى فلك التصاعد التدريجيّ ليحلّق مجدداً متخطياً عتبة الـ 29000 ليرة لبنانية. وكالعادة، لا أسباب واضحة خلف الارتفاع، الّا أن الثابت في هذه المعادلة هو الزيادة التي تطرأ على الأسعار التي لم تنخفض أساساً مع انخفاض سعر الصرف من الثلاثين ألف ليرة إلى العشرين ألفاً.
في قراءة للواقع هذا، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ “المركزية” أنَّ “أسباب ارتفاع سعر الصرف، هي نفسُها دائماً، لأن الوضع في البلاد غير مستتبّ على مختلف الأصعدة، وليس فقط اقتصادياً، فالقرار السياسي غائبٌ والسلطات التنفيذية والتشريعية غير قادرة على القيام بواجباتها، في انتظار ما ستفرزه نتائج الانتخابات، وعلى أمل أن تحمل نتائج مختلفة عن الدورات السابقة، فهي إن بقيت على حالها، ستتسبب بصدمة سلبية كبيرة لأربع سنوات مقبلة وسيدخل البلد في حلقة مغلقة”، لافتاً إلى أن “الانتخابات فيها “فتّ أموال” من حفلات وغيرها ممكن أن تنعكس على استقرار سعر صرف الدولار أو انخفاضه، إلا أن حتّى اللحظة لم يتبين أن الأموال تتدفق بالشكل الذي يحصل في الظروف العادية”.
وبعيداً من الانتخابات، يرى حبيقة أن “الدولار في لبنان إلى ارتفاع، خصوصاً في ظلّ التردد والصراع الحاصل حول قانون الكابيتال كونترول والذي يدلّ على تخبّط وحيرة لدى أصحاب القرار”.
وعن الحديث عن مرحلة أشدّ صعوبة بعد الانتخابات، باعتبار أن “القرارات الصعبة” ستتخذ بعد تمرير الاستحقاق، ما يجعل الوضع الاقتصادي أكثر سوءاً، يشير حبيقة إلى أن “اللبناني مفترض أن ينتخب ممثّليه، ما يلغي الإدّعاء بأن المسؤولين لا يمثّلونه، ومن جهة ثانية التفاوض الأولي مع صندوق النقد سيفرض على لبنان اتّخاذ قرارت قبل عرض البنود المتفق عليها على مجلس إدارة الصندوق، وكلّ ما حصل حتى اليوم هو مجرّد توقيع بالأحرف الأولى. فالمذكّرة تنصّ على خطوات يجب على لبنان القيام بها يُفضّل أن تتم بعد الانتخابات كي يوافق عليها ممثلو الشعب الجدد. إذا نجح لبنان في الاتفاق مع صندوق النقد وتم ضخ أموال جديدة، يمكن أن نتأمّل خيراً، لكن قبل السنة الجديدة لن نبدأ برؤية تغييرات في أحوال البلد”.
وفي ما خصّ عودة العلاقات تدريجياً مع دول الخليج إلى مجاريها، وما إذا كانت ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد اللبناني، يعتبر حبيقة، أن “الخطوة إيجابية لكنها على الصعيدَين المالي والاقتصادي غير مفيدة، إلا إذا عادت الاستثمارات والسياحة المقتصرة راهناً على مصر والعراق والأردن”.