رداً على الدعوة الصادرة على لسان مسؤول في حزب التيار الوطني الحر للمشاركة في مناظرة جماعية شملتنا مع نواب ووزراء وخبراء وإعلاميين،
نرى إن هذه الدعوة، وإن كانت محصورة مع وزيرين سابقين للطاقة دون غيرهما، فإنها دعوة مرحّب بها في المبدأ، لكونها ستتناول شؤوناً تتعلق بأداء وزراء أولاهم الدستور إدارة مصالح الدولة، إلا أنهم لم يميّزوا في ممارستهم لصلاحياتهم الدستورية بين الوزارة والحزب، فلم يدركوا الفارق بين صلاحية الوزير المستمدة من أحكام الدستور اللبناني والمحكومة بالقوانين والأنظمة النافذة، وبين نظام الحزب ومقتضيات إرضاء جمهوره ومحازبيه.
لكن – للأسف – نرى في دعوتهم محاولة لمصادرة وإجهاض مبادرتنا وتحويل موقعهم في عنوان المناظرة من الدفاع إلى الهجوم والتحدّي: “تعوا ناظرونا”، وذلك واضح من غموض الإعلان حول تحديد مكانها وزمانها ومحاورها والملفات التي سوف تبحث خلالها، وكذلك في تحديد مهلة للإجابة والإعلان عن قبول الدعوة إليها.
ولمن خانته الذاكرة فإن دعوتنا الأولى للمناظرة كانت بتاريخ 7 نيسان 2019، من برنامج “وهلق شو” مع الإعلامي جورج صليبي، على شاشة تلفزيون الجديد، خلال حلقة شارك فيها الإعلاميان أسعد بشارة وجاد غصن والسيد سيزار أبي خليل، الذي اتهمني خلالها بالعرقلة. وكان ردّي عليه واضحاً بالنسبة لوجوب الحصول على الإذن من أجل إبراز المستندات والمعلومات التفصيليّة، التي تثبت مخالفاتهم المرتكبة في تنفيذ الخطة، وأسباب فشلهم وعودة الأزمة إلى أسوأ ممّا كانت عليه، مع أن وزراءهم حصلوا على كافة التسهيلات والموافقات التي طلبوها، وقد وفّرتها لهم جميع الحكومات ومجلس النواب، وأدّت إلى إنفاق عشرين مليار دولار إضافية على حساب الخزينة خلال سنواتهم التي تجاوزت العشرة في “إمارة الطاقة”، والحبل على الجرّار!
ونذكّر أيضاً بدعوتنا لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية، نُدلي أمامها بما لدينا من حقائق ومعلومات، وترتيب ما يجب أن يترتب من مسؤوليّات قانونيّة بحق المرتكبين أمام السلطة التشريعيّة المختصّة، وبالدعوات التي أطلقناها من برنامج نقطة على السّطر من “صوت لبنان”، ومن برنامج “باسم الشعب” مع الإعلامي رياض طوق. وكانت الأخيرة للوزراء الأربعة من برنامج “صار الوقت” مع الإعلامي مارسيل غانم، وبأن أوّل المدعوين، قبل الوزيرين الأسبقين سيزار أبي خليل وندى بستاني، يفترض أن يكون الوزير جبران باسيل، الذي أخذ بنصائح مستشاريه، وبدأ في عهده، وبإشرافه وعلى مسؤوليته، الانحراف عن تطبيق القوانين والأنظمة والأصول المرعية الإجراء، التي اشترطها مجلس الوزراء في موافقته على ورقته حول سياسة قطاع الكهرباء العام ٢٠١٠، وبعده الوزير نظريان الذي استشرى المستشارون في عهده، وأسيء إلى المصلحة العامة خلاله، وتعزّزت مواقف خصوم الإدارة.
استناداً لهذه المعطيات، نؤكّد دعوتنا إلى مناظرة علنيّة مفتوحة تجري مع وزراء الطاقة، ولتكن، إذا أمكن، في إطار رئاسة الحكومة، بوجود رئيس ديوان المحاسبة والمدّعي العام لديه ورؤساء الغرف والمستشارين المعنيين بملفات وزارة الطاقة، وبممارسة الرقابة المسبقة على مناقصاتها وعقودها، ومنها عقود البواخر ومقدّمي الخدمات واليد العاملة ومستشاري الوزير وغيرهم من الشركات الاستشارية بالتراضي، بحيث تجري مراجعة شاملة لسلف الخزينة والوقوف على أسباب عدم تنفيذ القوانين وحماية مخالفات كهرباء لبنان المالية الفادحة في عقودها بالتراضي وغيرها، التي كان الوزراء يصرّون على تغطيتها، وأدّت “مجتمعة” إلى انهيار القطاع وإفلاس المؤسّسة والخزينة، ومسؤولين عن إبلاغ مجلس الوزراء بمعلومات مغايرة للواقع، وعن تدمير خطة الكهرباء والاقتصاد وإغراق البلد في العتمة.
ولا يسعنا سوى إعادة التذكير بأن المآخذ والانتقادات والملاحظات التي لطالما أبديتها كمدير عام للاستثمار كانت، منذ البداية ودائماً، واضحة حول ذلك الأسلوب في إدارة “مصالح الدولة”، وحول ذلك النهج التعسفي، الذي يحكم الوزارة، أقلّه منذ العام 2011، وأدّى إلى فشل خطة الكهرباء، التي سعينا جهدنا بصدق وإيجابية وإخلاص لتصحيح مسارها، باعتبارها مهمة وطنية تتصل بشكل وثيق بالمصلحة العامة وبحياة كل مواطن وبيت. أما هذه المآخذ فهي:
“سوء الإدارة”، و”الاستهتار بالقوانين”، و”الاستئثار بالسلطة”، و”عدم مراعاة الأصول” في مراقبة ومتابعة تنفيذ التلزيمات واستلام الأشغال المنفّذة وفقاً لدفاتر الشروط، وللشروط التي كان يقرّرها ديوان المحاسبة عند موافقته عليها، كما هي الحال بالنسبة إلى شروط مجلس الوزراء في موافقته على ورقة سياسة قطاع الكهرباء؛ هذا فضلاً عن محاولة مصادرة صلاحيات الإدارة والمدير العام بالتهويل وغيره من الوسائل غير اللائقة وغير المشروعة، واختصار الوزارة بالمستشارين، وعن مخاطبة الموظفين مباشرة، لإلزامهم بتنفيذ تعليمات غير قانونية أو غير قابلة للتنفيذ، فضلاً عن حماية الفاسدين من الموظّفين واستضافتهم وتحريضهم على العصيان ومصادرة صلاحيّات واستقلاليّة مؤسّسة كهرباء لبنان وإدارتها من قبل المستشارين، وتحقيق منافع خاصّة وتوظيفات سياسيّة على حساب حقوق المؤسسة…
بناءً على هذه العناوين، فإنّ الجدّية تستوجب تصميم شروط المناظرة، وبرمجة توقيتها ومهلتها، والإعلان عن موقعها وعن مديرها، بهدف بيان الحقائق فعلاً؛ وغير ذلك يعني أن مطلقي الفكرة إنّما أرادوها غير جدّية غايتها تلميع الصّورة في فترة ما قبل الانتخاب، ثمّ اقتناص فرصة عدم تلبية الدّعوة غير الجدّية هذه المحسوبة سلفاً، والزعم بأن المآخذ المنسوبة إليهم كانت مجرد تنظير!
نكرّر دعواتنا، المشار إليها آنفاً، كما أطلقناها، وحيثما اتّهمونا بالعرقلة، دون أيّ تعديل.
أهلاً وسهلاً اذا وافقوا، وإلا فليصمتوا هم!
ونحن سوف نستمرّ في الإضاءة على أسباب العتمة والفشل كلّما دعت الحاجة!