روسيا تكبّدت “خسائر فادحة” وفقدت 70% من أسلحتها الذكية

بوتين يُناور أمام غوتيريش... والغرب يعزّز دفاعات أوكرانيا

حاول “القيصر” الروسي فلاديمير بوتين الظهور بمظهر الزعيم الحريص على إنهاء الحرب من خلال المحادثات مع كييف أمام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في موسكو أمس، في وقت تضرب فيه قوّاته المدن الأوكرانية متسبّبةً بسقوط ضحايا مدنيين وتهجير الملايين، حيث توقّعت الأمم المتحدة أن يبلغ عدد اللاجئين الأوكرانيين الفارين من بلادهم 8.3 ملايين شخص، بينما تهجّر قرابة 5.3 ملايين شخص من أوكرانيا حتّى الآن. وبينما جلس مقابل غوتيريش حول طاولة طويلة في الكرملين، تحدّث بوتين عن أنّه ما زال لديه أمل في المحادثات مع أوكرانيا لإنهاء الحرب، وقال: “رغم حقيقة أنّ العملية العسكرية مستمرّة، ما زلنا نأمل في أن نتمكّن من التوصّل إلى نتيجة إيجابية” من المفاوضات، موضحاً أنّ الجهود المبذولة في المحادثات مع أوكرانيا تعثّرت بسبب الإتهامات التي وجّهتها كييف إلى قواته بارتكاب “جرائم حرب” في بلدة بوتشا.

وأردف الرئيس الروسي: “كان هناك استفزاز في قرية بوتشا لم يكن للجيش الروسي علاقة به. نعرف من كان وراء هذا الاستفزاز وبأيّ وسائل حصل وأيّ نوع من الأشخاص شاركوا فيه”، فيما جدّد غوتيريش دعوته كلاً من موسكو وكييف للعمل سوياً مع الأمم المتحدة لإنشاء ممرّات إنسانية لإيصال المساعدات وإجلاء المدنيين، مطالباً كذلك بوقف إطلاق نار في أوكرانيا “في أقرب الآجال”.

ودعا الأمين العام أيضاً إلى إجراء تحقيق مستقلّ في “جرائم حرب محتملة” في أوكرانيا. وكشفت الأمم المتحدة في بيان أنّ بوتين قَبِل “من حيث المبدأ” مشاركة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في إجلاء مدنيين محاصرين في مجمّع “أزوفستال” الصناعي في مدينة ماريوبول. وينتقل غوتيريش من موسكو إلى كييف، حيث انتُقد كثيراً لاختياره زيارة موسكو قبل أوكرانيا مع تأكيد الرئيس فولوديمير زيلينسكي أنه لا يرى “أي عدل أو أي منطق في ترتيب” الزيارات هذا، في حين اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمام لجنة العلاقات الدولية في مجلس الشيوخ أنّ بوتين “لم يُظهر أيّ جدّية” في شأن إمكانية إنهاء الحرب في أوكرانيا ديبلوماسيّاً، رغم سلسلة جهود دولية للقيام بذلك.

وفيما قد تدعم الولايات المتحدة جهوداً أوكرانية لإنهاء الحرب بالسبل الديبلوماسية، شدّد بلينكن على أنّ “هدفنا هو ضمان أن يكون لديهم قدرة على صدّ العدوان الروسي، وطبعاً تعزيز يدهم على طاولة مفاوضات محتملة”، في وقت قرّرت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الاجتماع شهريّاً للبحث في تعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية، بحسب ما أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بعد اجتماع أمني استضافته قاعدة رامشتاين العسكرية الأميركية في ألمانيا وشاركت فيه نحو 40 دولة.

وأعرب الوزير الأميركي، الذي وعد قبيل انعقاد الاجتماع “بتحريك السماء والأرض” لتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية، عن أمله في أن تُنسّق مجموعة الاتّصال هذه عمل “الدول ذات النوايا الحسنة لتكثيف جهودنا وتنسيق مساعداتنا والتركيز على كسب معركة اليوم والمعارك المقبلة”. وكشفت ألمانيا أنّها ستأذن بتسليم عربات مصفحة من طراز “غيبارد” إلى كييف، في تحوّل رئيسي في السياسة الحذرة التي اتّبعتها برلين حتّى الآن في دعمها العسكري لأوكرانيا.

وقالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت خلال الاجتماع: “لقد قرّرنا أن تُسلّم ألمانيا دبابات “غيبارد” المضادة للطائرات إلى أوكرانيا”. وستأتي هذه المدرّعات التي لم يُحدّد عددها من مخزون صناعة الدفاع الألمانية. ولم تستبعد الوزيرة الألمانية أن توافق بلادها على تسليم أوكرانيا أعتدة ثقيلة أخرى كانت شركات دفاع ألمانية قد عرضت تزويد كييف بها، بينما كشف مسؤول رفيع في البنتاغون أن القوات الروسية تكبّدت “خسائر استراتيجية تحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة بنائها”.

وكشف المسؤول الذي تحدّث لـ”سكاي نيوز عربية” وطلب عدم الكشف عن هويّته أن أبرز خسائر روسيا “فقدان نحو 70 في المئة من الأسلحة الذكية عالية الدقة، التي استخدمتها منذ إطلاق عملياتها داخل أوكرانيا”، موضحاً أن “أسباباً كثيرة أدّت إلى تكبّد القوات الروسية خسائر فادحة، أبرزها فقدان الكفاءة العسكرية لدى الضبّاط الروس رفيعي الرتب”، وأردف أن الإستخبارات الأميركية رصدت ما سماه “المحسوبيات” و”المصالح الخاصة” في إجراءات ترقيات ضباط الجيش الروسي.

كما أشار إلى أن بوتين “مستاء من قادة القوات المسلحة وفَقَدَ الثقة بالجنرالات الروس الكبار”، لافتاً إلى أن “علاقة بوتين بوزير الدفاع سيرغي شويغو لم تعد متينة كما كانت سابقاً”، فيما طمأن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي خلال زيارة إلى محطة تشرنوبيل الأوكرانية حيث وقعت العام 1986 أسوأ كارثة نووية في العالم، إلى أنّ المستوى الإشعاعي في الموقع الذي سيطرت عليه القوات الروسية لبضعة أسابيع ثمّ انسحبت منه “هو ضمن الحدود الطبيعية”.

وفي الأثناء، ذكر الكرملين أنّ بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان ناقشا بالتفصيل هاتفياً الوضع في أوكرانيا. توازياً، حذّرت الولايات المتحدة من محاولات لـ”تصعيد التوتر” بعد سلسلة من التفجيرات في منطقة ترانسدنيستريا المولدافية الإنفصالية الموالية لروسيا والمجاورة لأوكرانيا، في حين دعت رئيسة مولدافيا مايا ساندو إلى الهدوء معلنةً إجراءات لتعزيز الأمن، بينما اتّهمت كييف الكرملين بالسعي إلى زعزعة استقرار هذه المنطقة المولدافية.

وفي السياق ذاته، أكّد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أنّ بلاده تدعم مولدافيا في مواجهة “مخاطر زعزعة استقرارها”، فيما أوضح الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا “تُتابع من كثب” الوضع في ترانسدنيستريا، معتبراً أنّ “المعلومات التي ترد من هناك تُثير القلق”. تزامناً، وبعد إعلان موسكو طرد 3 ديبلوماسيين سويديين، ردّاً على إجراء مماثل اتخذته ستوكهولم في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا، ذكرت وزارة الخارجية السويدية أن 4 ديبلوماسيين طردوا من روسيا. كذلك، سيُعلّق عملاق الغاز الروسي “غازبروم” اعتباراً من اليوم صادراته إلى بولندا وبلغاريا.

زر الذهاب إلى الأعلى