يصل س .خ صباحاً إلى مكتبه في منطقة بدارو ليُعلن افتتاح “بورصة” السوق السوداء لتجارة الدولار. ويبدأ توزيع صناديق “الليرات”، التي تُجمع في ذلك المكان خلال ساعات الليل وساعات الفجر الأولى، إلى كل مناطق لبنان من شماله إلى جنوبه، باتجاه المراكز التي يُديرها الرجل، والذي يملك ضوءاً أخضر من مصرف لبنان للمّ الدولارات التي يحتاجها المصرف، والذي بات يشعر اليوم بوجود من يُقاسمه “دلع” المركزي، من دون أن يملك أدلة دامغة حول ذلك.
الحملة الأمنية انتهت؟
في 21 آذار، صادقت الهيئة الاتهامية في بيروت، برئاسة القاضي ماهر شعيتو، على قرار قاضي التحقيق الأوّل في بيروت، شربل أبو سمرا، القاضي بإخلاء سبيل 10 من الصرافين غير الشرعيين الموقوفين منذ أكثر من شهر، وقررت الهيئة رفع الكفالة المالية لهؤلاء، فتراوحت بين 150 مليوناً لبعضهم و600 و800 مليون ليرة للبعض الآخر، كما قررت منعهم من السفر.
في المقابل، رفضت الهيئة إخلاء سبيل أربعة صرّافين آخرين، وصادقت على قرار القاضي أبو سمرا، لجهة ردّ طلبي اخلاء السبيل المقدمين من الصرافين الموقوفين، علي نمر الخليل وعيسى كنج.
يشعر صرّافو السوق السوداء -حسب معطيات، كما يقول أحدهم- أن الحملة الأمنية ضدهم انتهت، وأن كل الموقوفين سيخرجون من السجن تباعاً، حسب حجم الملفات التي تورطوا بها. لذلك، عاد نشاط الصرافين إلى السوق في الآونة الأخيرة، خصوصاً عندما عاد فيها مصرف لبنان إلى طلب الدولار، ولو أنه لا يفعل ذلك يومياً.
زعيم السوق ومعاونوه في المناطق
يكشف الرجل عبر “المدن” أن س. خ هو الآمر الناهي اليوم في لمّ الدولارات من السوق. أي أنه زعيم السوق السوداء، يقوم بنفسه احياناً بتثبيت عمليات الشراء، حتى أنه يشتري الدولارات من المواطنين العاديين، وبسعر أعلى من سعر السوق. وهو ما يجعل عرض الدولار في الشارع أقل من قبل. وهذا يؤثر على الأسعار التي يشتري فيها التجار الدولار. وهنا المقصود تجار المحروقات والسلع الغذائية والاستهلاكية. وكل هذا يرفع السعر بالتأكيد.
قبل ذلك، كان س.خ في الظل، وعلي حلباوي الموقوف في الواجهة. لكن اليوم غيّر الرجل طريقة العمل، فأصبح منخرطاً بشكل مباشر بالسوق. لدى س.خ معاونون في المناطق اللبنانية يعملون بليراته التي يحصل عليها بشكل شبه يومي من مصرف لبنان، لشراء ما بين 7- 8 مليون دولار، مشيراً إلى أن س. خ، قرّر تعيين الصراف، م.ح، الشاب الجنوبي الذي يعتبر أحد الصرافين الثلاثة الذين لم يتم القبض عليهم من مجموعة الـ22 صرافاً، معاوناً له يُدير مركز كورنيش المزرعة، وهو الذي كان شريكاً للموقوف عيسى كنج قبل توقيف الأخير.
ما بين بدارو وكورنيش المزرعة، تُدار الصناديق التي تصل إلى المراكز في المناطق حسب الطلب. ففي الشمال يعمل س.، وفي الجنوب يتولى م.ف المسؤولية، بينما يُدير دولارات البقاع ح. ق. وهؤلاء الثلاثة هم لاعبون قدامى في سوق الدولار، لكنهم من غير المطلوبين للعدالة، وأخيراً هـ. و. في الضاحية الجنوبية، وهو الصراف الذي داهمت مركزه القوة الضاربة، ووجدت فيه ما يزيد عن مليون دولار تعود ملكيتها إلى أحد المصارف، وتم توقيفه برفقة آخرين، قبل أن يخرج من التوقيف خلال 24 أو 36 ساعة، ويعود إلى العمل منذ فترة قصيرة.
الزعيم يشعر بالقلق
عندما وصل سعر صرف الدولار إلى حوالى 110 آلاف ليرة، قبل القفزة الصاروخية إلى مشارف الـ150 ألف ليرة، أوقف س. خ الشراء، لكن السعر استمر بالصعود. ما جعل الرجل والعاملين معه في حيرة من أمرهم، طارحين على أنفسهم سؤالاً جوهرياً: هل هناك منافس جديد في السوق يطلب الدولار بحجم كبير وبسعر مرتفع؟
حتى اليوم، وحسب معلومات “المدن”، لا جواب واضحاً على هذا التساؤل. لكن، حسب العاملين في سوق الصرافة، هناك أمور مريبة تحصل، وهناك جهة ما غير معروفة بعد تطلب الدولارات بقوة، غير الفريق الذي يُديره س. خ، وهذا ما جعل الأخير قلقاً من هذه المنافسة.