أثارت صور ومشاهد عديدة لعشرات الدبابات الروسية المشتعلة، أو التي تفجرت فجأة “قممها”، أو حتى لما تبقى من حطامها، في مناطق أوكرانية، موجة من التساؤلات، بعد أن شكلت ما يشبه التأكيد على أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لا تسير كما خطط لها الكرملين.
ولعل ما زاد من هذا اليقين، تأكيد وزير الدفاع البريطاني بن والاس، يوم الاثنين الماضي أن موسكو فقدت ما يصل إلى 580 دبابة، منذ انطلاق العملية العسكرية على أراضي جارتها الغربية في 24 شباط.
يبدو أن المشكلة أبعد من مجرد خسارة روسيا لمئات الدبابات، إذ يعتقد العديد من الخبراء أن تلك الآليات تعاني من خلل مرير، عانت منه الجيوش الغربية سابقا ولعقود من الزمن، يعرف بـ “تأثير جاك إن ذا بوكس” “jack-in-the-box effect، مستغربين عدم استباق موسكو لتلك المشكلة!
فالمعضلة تتعلق بكيفية تخزين الذخيرة داخل الدبابات.
إذ على عكس الدبابات الغربية الحديثة، يمكن لتلك الروسية أن تحمل عدة قذائف داخل مخازنها، ما يجعلها معرضة لخطر الانفجار أو الاحتراق بشكل كبير. إذ حتى مجرد قصف غير مباشر إلى جانبها أو في محيطها، قد يؤدي إلى اشتعال سلسلة من الانفجارات داخل مخازن الذخيرة التي قد تستوعب ما يصل إلى 40 قذيفة، بحسب ما نقلته شبكة سي أن أن.
فما يعرف بـ “موجة الصدمة” الناجمة عن أي قصف أو تفجير إلى جانب تلك الدبابات يمكن أن يؤدي إلى انفجار برج أو مخزن الدبابة.
وفي هذا السياق، أوضح سام بينديت، مستشار برنامج الدراسات الروسية في مركز الأمن الأميركي الجديد: “أن الدبابات الروسية تعاني من عيب في التصميم”.
وتابع قائلا: “أي ضربة ناجحة, تشعل الذخيرة بسرعة مسببة انفجارًا هائلاً، بعد أن ينفجر البرج حرفياً”.
بدوره، رأى نيكولاس دروموند، المتخصص في الحرب البرية والضابط السابق في الجيش البريطاني، أن هذا الخلل يعني أن على طاقم الدبابة أن يخرج خلال الثانية الأولى للقصف الذي طال محيطه وإلا سيتحمّص!”.
كما أضاف إن انفجار الذخائر سبب مشاكل لجميع المركبات المدرعة التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا، وضرب مثالا على عربة المشاة القتالية BMD-4 ، التي يقودها عادة ما يصل إلى ثلاثة أفراد وقادرة على حمل خمسة آخرين، مشبهاً إياها بـ “التابوت المتحرك”.
إلى ذلك، اعتبر أن موسكو لم تتعلم الدروس من العراق، وبالتالي فإن العديد من دباباتها في أوكرانيا عانت المصير عينه، وبدت تختنق بهذا الخلل الخطير في التصميم.
وتابع قائلا: “عندما دخلت سلسلة T-90 – التي خلفت T-72 – إلى الخدمة عام 1992، تمت تطوير درعها، لكن نظام تحميل الصواريخ ظل مشابهًا لنظام سابقتها، ما جعلها عرضة للخطر.
كذلك أشار إلى أن دبابة T-80 ، وهي دبابة روسية أخرى تعمل على الأرض في أوكرانيا، تمتلك نظام تحميل صواريخ مماثلا.
يذكر أن هذا العيب ليس جديدا، فقد لفت انتباه الجيوش الغربية خلال حربي العراق في عامي 1991 و2003، عندما عانت أعداد كبيرة من دبابات T-72 ، الروسية الصنع، التابعة للجيش العراقي، من نفس المصير، حيث تفجرت أبراجها، وتفحم من بداخلها، بالضربات الصاروخية التي طالتها.
في الوقت عينه، لفت الخبراء العسكريون إلى وجود بعض الفوائد لمثل هذا النظام، موضحين أن روسيا اختارت هذا النموذج من الدبابات لتوفير المساحة وجعلها أقل لفتاً للأنظار، ما يجعل استهدافها خلال المعارك أكثر صعوبة!
إلا أن تلك الخطة الروسية لا تبدو ناجحة، فمع مرور أكثر من شهرين على العملية العسكرية في أوكرانيا، لم تحقق القوات الروسية الكثير، فقد تراجعت منذ مارس الماضي من محيط العاصمة كييف، لتركز القتال في الشرق، لاسيما في إقليم دونباس، إلا أنها حتى اللحظة لا يزال التقدم هناك بطيئاً، فيما يصطف الغرب لدعم أوكرانيا بالسلاح والعتاد المتقدم.