صيدا – جزين: “صمت” بهيّة يمنح النقيب والقوات الصدارة

لائحة النائب أسامة سعد ضعيفة في جزين ولائحة التيار العوني ضعيفة في صيدا

بعد تنفّس لوائح الثنائي الشيعي والتيار العوني والتنظيم الشعبي الناصري الصعداء، نتيجة عدم مبالاة تيار المستقبل بالانتخابات في صيدا، عاد وتبدد هذا الارتياح جراء تقدم اللائحة التي يترأسها “الحريريُّ” يوسف النقيب. فمقاطعة تيار المستقبل للاستحقاق من شأنه خفض نسبة الاقتراع في عاصمة الجنوب، الذي ينعكس تراجعاً بالحاصل الانتخابي، ما يؤمن فوزاً مريحاً لمختلف القوى الأخرى. أما مشاركة جمهور المستقبل سواء بورقة بيضاء أو بالتصويت لصالح النقيب، فيضع جميع اللوائح في مأزق الوصول إلى الحاصل الانتخابي، والذي يتوقع إلا ينخفض عن 13 ألف صوت، أسوة بالعام 2018.

صمت الحريري الانتخابي

وأشيع في صيدا عن اكتساح لائحة النائب أسامة سعد الدائرة حيناً والحزب حيناً آخر، وذلك بناء على رهان عدم مبالاة الناخبين في صيدا بهذا الاستحقاق. حتى التيار العوني، الذي يصارع للحفاظ على مقعد وحيد، عاش جواً من الارتياح، نظراً لإمكانية انخفاض الحاصل لصالح حفاظه على أحد مقاعد جزين. لكن الأجواء السلبية، التي أشيعت خلال مرحلة تشكيل اللوائح، بسبب عدم رضى نائبة صيدا بهية الحريري، على قرار النقيب بالترشح، لما فيه من كسر لإرادة ابن شقيقها الرئيس سعد الحريري، تبددت في الأيام الأخيرة. فقد دخلت نائبة صيدا بـ”صمت انتخابي”، من دون خروج أي مواقف سلبية من الأجواء المحيطة بها ضد لائحة النقيب. بينما في السابق كانت لا تتوانى عن إبداء امتعاضها أمام الزوار من خطوة النقيب.
صمت نائبة صيدا الانتخابي هذا، يُفسَّر في عاصمة الجنوب بأنه دعم غير مباشر للائحة “وحدتنا في صيدا وجزين” التي يرأسها النقيب، ما ينفي كل الشائعات السابقة عن أن “أم نادر” تحارب اللائحة، كي لا “يفرّخ” زعيم سني في صيدا يقضي على طموح نجلها أحمد في المدينة.

وراثة الحريري

بالعودة إلى الوراء، عندما قرر الرئيس الحريري العزوف عن المشاركة في الانتخابات، انعكس الأمر في صيدا عزوف عمّته عن الترشح. وضغطت النائبة الحريري لعدم ترشح النقيب، أو أي شخص آخر من المحسوبين على الراحل رفيق الحريري. لذا، هرول البعض إلى دارة نائبة صيدا في مجدليون للحصول على مباركتها، وكررت الحريري على مسامعهم أنها غير معنية بالانتخابات. فسارعت القوى الصيداوية إلى حجز حصصها من جمهور المستقبل، ووراثة سعد الحريري وهو حي يرزق. لكن العمّة بهية الحريري سمعت نصائح من شخصيات صيداوية وازنة تحذر من مغبة عزوفها والعمل بالإيعاز ضد لائحة النقيب. لذا، قررت الدخول في “صمت انتخابي”، وهو بمثابة إشارة إيجابية لصالح النقيب. هذا فضلاً عن أن الحريري لمست من زائريها أن قرار ابن شقيقها بالانسحاب من المعركة الانتخابية يصعب ترجمته صيداوياً. لذا باتت أكثر ليونة في مقاربة الانتخابات، ولا تخفي أمام زوارها أنها إذا كانت ستختار بين عبد الرحمن (البزري) ونبيل (الزعتري) ويوسف (النقيب)، الأخير هو الأقرب إليها، لكنها شخصياً لن تشارك في الانتخابات ولن تتدخل لدعم أي طرف.

لائحة قوية في الدائرتين

لا سلبية النائبة الحريري تجاه لائحة النقيب استدعى استنفار بعض الجهات المرتبطة بالحزب في صيدا، وراحت تذكر في منشورات بتاريخ القوات اللبنانية “الإجرامي” في حرب شرق صيدا إبان الحرب الأهلية، كما لو أن القوى السياسية الأخرى لم تكن مشاركة في الحرب الأهلية، وغير متهمة بقتل شخصيات وقيادات صيداوية وغير صيداوية خلال الحرب!

لكن حملة التشهير والتذكير بمآسي الحرب كانت مؤشراً على بدء مرحلة العد العكسي لتقدم لائحة النقيب، التي انتقل الحديث عن نيلها أقل من ثلاثة آلاف صوت، إلى ما يزيد عن سبعة آلاف صوت في صيدا. أي بلغة الانتخابات، على مستوى الدائرة، تتصدر باقي اللوائح. فهي اللائحة الوحيدة القادرة على تأمين نحو 15 ألف صوت بتحالفها مع القوات في جزين. وهي الوحيدة التي تضم قوى وازنة في الدائرتين. فلائحة النائب أسامة سعد ضعيفة في جزين ولائحة التيار العوني ضعيفة في صيدا ولائحة النائب إبراهيم عازار ضعيفة في الدائرتين، وتعتمد على أصوات الثنائي الشيعي للفوز بمقعد.

تراجع عازار وأصوات الحزب

بعد تشكيل اللوائح، وفي انتظار تبلور الشارع السني الموالي لتيار المستقبل، أو الرافض لسيطرة الحزب على المدينة، تصبو أعين جميع القوى إلى الجماعة الإسلامية، التي لم تشارك ترشيحاً في أي لائحة. وبينما أشيع عن اتفاقات جانبية مع “الجماعة” لتجيير أصواتها للائحة سعد-البزري، أو تسليف نحو ألف صوت للزعتري في صيدا، مقابل تجيير الحزب أصواتاً مشابهة في بيروت للائحة رئيس المكتب السياسي عماد الحوت، تفيد بعض المعلومات عن ذهاب “الجماعة” إلى تقسيم أصواتها بين مختلف القوى الصيداوية.

وعليه، بات السيناريو الأقرب إلى الواقع لتوزّع الأصوات التفضيلية وفق التالي: نيل رئيس التنظيم الناصري أسامة سعد نحو تسعة آلاف صوت، والزعتري نحو 3 آلاف صوت، والبزري أقل من ثلاثة آلاف صوت.

فما خسره سعد من أصوات الحزب، بعد فك التحالف مع نائب جزين إبراهيم عازار، يسترده تعاطفاً سنياً معه بسبب مواقفه المستجدة من الحزب بعد 17 تشرين. هذا فضلاً عن رهانه بأن ترشيح البزري على اللائحة يحد من خسارة الناخبين الشيعة، الذين يتفلتون من الحزب لصالح البزري، الذي تربطه علاقات جيدة بالحزب.

لكن الوقائع على الأرض تجافي هذا الرهان الذي يصبو إليه سعد. فالحزب لا يستطيع التفريط بأي صوت في صيدا. بل سيمنحها كلها إلى مرشحه الزعتري، لسد الثغرات التي سيعاني منها عازار في جزين. كما أن ماكينة حركة أمل تعمل ليلاً ونهاراً له، وتستدعي مفاتيح انتخابية من صيدا للوقوف عند خاطرها، خوفاً من تراجع أصوات عازار في جزين المدينة، لصالح المرشح سعيد الأسمر. والحديث عن تراجع أصوات عازار لا يقتصر على مدينة جزين، بل على قرى قضائها أيضاً، ليس المسيحية وحسب، بل الشيعية حتى، لصالح مرشحي لائحة سعد.

زر الذهاب إلى الأعلى