انسحب ثلاثة من المرشحين الشيعة، (رامز ناصر أمهز وهيمن عباس مشيك ورفعت نايف المصري) من التحالف الذي جمعهما بمرشح حزب “القوات اللبنانية” النائب إنطوان حبشي، في “لائحة بناء الدولة” في دائرة بعلبك/ الهرمل.
وقد يفسر البعض أن هذا الانسحاب يعكس سيطرة “الحزب” على على بيئته، وأنه مؤشر على قوة هذا الحزب.
لكنني من الذي يرون أنّ في ذلك انحسار لفعالية ذلك الحزب حتى في بيئته الداخلية، وفي خارجها، لذا قرّر جعل المعركة عامودية داخلية.
فالعامودية السّياسية مؤشر انحسار وضعف وعجز.
ويمكن تشبيهها بالعمل العائلي، الذي تعمل به المجتمعات الريفية في معارك المجالس المحلية.
إذ يعتبر العمل العامودي من أبرز عوامل المواجهة الضيقة، لأنه يركز على مواجهة الخلخلات الداخلية، ومنع الاختراقات والتفككات المهددة بانعكاساتها السلبية على البيئة الدّاخلية.
وكلما زاد الضغط بهدف الانغلاق الداخلي، كلما أشار ذلك إلى حجم الاشتعال المهدد بالانفجار.
كما يحصل في مبدأ عمل الصّواريخ، حيث يلعب انغلاقه العامودي وضيق قطره دورًا كبير في عملية الاحتراق والمسافة والانفجار.
لقد بلغ “الحزب” انحساره الأفقي، بسبب عقيدته ومنهجه، اللذين أوصلاه إلى تفككات داخلية على مستوى الوطن، والطائفة.
الأمر الذي انعكس على النخب الشيعية، التي استطاعت أن تحقق انتشارًا أفقيًا يدفع بانغلاقية الحزب إلى أقصى مدى يستطيعه.
وفي المقابل، تحقق “القوات اللبنانية”، انتشارها الأفقي السلس الذي يفتح لها كل الفضاء اللبناني، فيلقى عملها حماسًا، وقبولًا، وتفاعلًا لبنانيًا ليس مفاجئا، بل طبيعيًا لمحاكاة مشروعها حاجات اللبنانيين وطموحاتهم.
فما الذي سينتج عن عامودية “الحزب”، مقابل أفقية حزب “القوات اللبنانية”؟!
بات كثيرٌ من اللبنانيين، قاب قوسين أو أكثر من إعلان قناعاتهم في مشروع “القوات اللبنانية”.
فكثير منهم يتحرّى حركة هذا الحزب، وعمله ومواقفه وتصريحات قيادته وعلى رأسها قائد الحزب سمير جعجع.
وكثير من اللبنانيين، يعلق الآمال على التغيير الذي تَعِد به “القوات اللبنانية”.
ففي كل الجلسات التي أحضرها، تكون حقيقة الحضور الشعبي مؤيدة للقوات، مدافعة عنها، وإن وارَب البعض أو جامل في جلسات، ضمت مؤيدين لمرشحين منافسين، لكنه يعود ليؤكد تأييده عبر اتصال خاص. مقابل جردات طويلة لأخطاء “الحزب”، ومساوىء مشروعه وحلفائه.
وكلما طرحنا سؤال: “هل تعتقد أن مشروع “الحزب” يخدم لبنان واللبنانيين؟ أتت الإجابات بلا تردد: مستحيل!
أخيرًا، قد تخدم العامودية “الحزب” في معركته هذه جزئيًا، ولكنها ستكون ذات نتائج قاسية عليه على المدى المنظرور.
وسيكون حاله كحال كل الأنظمة التي بدت قوية في الظاهر، غير أن تآكلها الداخلي أسقطها بشكل مدوي.
وقد تكون هناك ملاحظات متعمدة على تحالفات حزب “القوات اللبنانية”، لكنها ستعكس في المدى القريب صوابيتها، وصوابية مشروع حزب “القوات اللبنانية”.