اليوم هو عيد الصليب..
وكل تلك الترهات التي غُرِسَت في عقول الكثيرين حول تحريم وتكفير، لا تزن عندي جنح بعوضة.
قديمًا كانت عبادة النّار والحجر والشّجر والطّير تعدل عند المؤمنين بها عبادة الله عند التوحيديين.
لقد احتاجت البشرية قرونًا ضخمة بلغت ملايين السنوات حتى انتصبت ومشت على قدمين اثنتين، وقرونًا أكثر منها حتى اتسق النطق ثم اللغة والكتابة.
وقرونًا أضخم بكثير حتى بلغنا ما نحن عليه.
فلا يتوهم أحد أن ديانته أقدس من ديانة تمارس طقوسها في غار في أي مكان من العالم.
لأن المقدس الحقيقي هو الفعل الذي ينتج عن الإيمان، ويحدث في المؤمن سلوكًا ومعرفة مقدسين.
فالإيمان حالة أعمق مما يتوهم البعض.
والصليب من أعظم رموز الإيمان البشري.
وأجمل ما فيه أنه لم يكن منّصة تطلق الكراهية والشر، بل من على الصليب والدم ينزف ويسيل، همس الفادي:
“ربي اغفر لهم فإنهم لا يعرفون ما يفعلون.”
يذكرني هذا الدّعاء بكثير من الآباء الذّين عجزوا أمام إقناع أبنائهم بأهمية الانضباط في دراستهم وفي المدرسة، أولئك الأبناء الذين ظلوا يحدثون فوضى وهروب وتكاسل ورسوب، حتى بلغ آباؤهم شعور المصلوب، فقالوا بقلبه الذي لا يعرف إلا الحب:
” أنهم لا يعرفون، وسيندمون”
وكان ندم الأبناء مفجعًا، ولكن بعد فوات الآوان.
في عيد الصليب، لكل أحبتي المحتفين به أقول:
لا يمنعني إلهي عن محبتكم، ولا عن محبة صليبكم، وإلهي ليس أحمق ولا غيورا. إنه نفسه الذي استنجد به يسوع ليغفر لمن لا يعرفون.
كل عيد صليب وأنتم بخير وفرح وحب، وسلام.
أحبكم وبورك صليب يعلم الناس قيمة الرحمة الغفران.