غادة أيوب: أهالي جزين اختاروا “صحّ” هذه المرة!
بصفتها «مستقلة مدعومة من القوات اللبنانية»، ترشحت أستاذة المالية العامة والضرائب وحقوق الإنسان في الجامعة اللبنانية غادة أيوب عن المقعد الكاثوليكي في جزين. «ضربة المعلم» القواتية في ترشيحها عن المقعد الذي يشكّل «الحلقة الأضعف» في مواجهة المرشحين الصقور للمقعدين المارونيين، لاقتها أخطاء التحالفات على الطرف الآخر. ليس تبدّل المزاج الجزيني، بل خلافات داخلية بين مرشحي التيار الوطني الحر و«خلاف أزلي» بين نبيه بري وجبران باسيل هو ما أدّى إلى اقتناص القوات ليس المقعد الكاثوليكي فحسب، وإنما المقعد الماروني أيضاً. الخلاصة الأهم أن النائبة المنتخبة «المستقلة المدعومة من القوات» هي في الواقع «رفيقة» في القوات. فرغم تأكيدها في حوار مع «الأخبار» أنها «ناشطة اجتماعية غير حزبية»، إلا أنها في الواقع لا تلهج إلا بشعارات القوات من «حصرية السلاح» إلى ثنائية «الدولة والدويلة» و«لبنانية الحزب»، وما بينهما «الخط السيادي» و«الحيادي» الذي تمثله معراب. في ما يأتي نص الحوار مع نائبة القوات اللبنانية:
لماذا اختارت القوات اللبنانية ترشيحك على لائحتها في دائرة صيدا – جزين؟
لست حزبية وكذلك عائلتي. لكنني حاضرة في الشأن العام كناشطة اجتماعية ورئيسة سابقة لنادي الروتاري في صيدا ونائبة رئيس جمعية ماراتون صيدا. لديّ تواصل واسع مع الفعاليات والمطارنة. المآسي التي نعيشها، ولا سيما هجرة الشباب وما أشهده في الجامعة اللبنانية، دفعتني للتفكير بالانخراط في الشأن السياسي عبر الترشح للانتخابات. حضوري جعل حزباً كالقوات يتواصل معي للبحث في القواسم المشتركة. واكتشفنا أن وجهات النظر متقاربة والثوابث ذاتها والنضال ذاته ونلتقي على المبادئ نفسها من الحياد إلى السيادة وحصر السلاح بيد الدولة.
ماذا اخترتم يوسف النقيب حليفاً من صيدا لتشكيل لائحة؟
المبادئ نفسها (السيادة وحصر السلاح بيد الدولة) سهّلت التحالف مع النقيب الذي يؤمن أيضاً بها.
لماذا فازت القوات بمقعدين في جزين للمرة الأولى؟
نضال القوات بدأ منذ زمن وهم ينتظرون منذ سنين أن يكون لهم وجود. لماذا الآن؟ لأن الناس هم من اختاروا هذا التمثيل واختاروا التغيير بالاقتراع. هذا ما برهنته الأرقام التفضيلية التي حصلت عليها والتي تترجم إرادة الناس بالتغيير وبأنهم لم يعودوا قادرين على التجديد للنهج الذي كان موجوداً، ويريدون نواباً يتكلمون بكلامهم وليس لديهم سقف مرسوم لهم في خطابهم. فلننظر كيف كان النواب السابقون يأتون ومن يمثلون. أعيش منذ 23 سنة في صيدا وأشعر بأنّي مهمّشة وغائبة عن مفاهيم السيادة والديموقراطية.
هل لأن الأكثرية المسلمة لها تأثير رئيسي في انتخاب نواب جزين؟
يشكّل النظام الانتخابي سبباً في ذلك لأنه يسمح للأكثرية بأن تأتي بثقل أصوات الشيعة وأن يتحكّم الثقل السني بالتحالفات في صيدا. لكنّ للتهميش سبباً أكبر ناجماً عن النهج الذي كان متّبعاً للوصول إلى الكرسي، وليس إنماء المنطقة هو السبيل للوصول. لننظر إلى حال جزين. إذا أردت الإقامة فيها، أين الجامعة للدراسة وأين المعمل للتوظيف؟. الناس ينتظرون منذ سنوات أن يأخذوا حقهم من الإنماء، خصوصاً أن النواب السابقين كانوا قادرين وكانت لديهم وزارات في الدولة.
الرقم التفضيلي الكبير الذي حصلت عليه، بسبب تحالفك مع القوات أو لشخصك؟
التفاني الذي بذلته القوات أثمر التحالف معي، إضافة إلى الخطاب المنفتح والثابت والصريح. القوات لم تربح المعركة لأن الناس انتخبوها بعد أن جرّبوا غيرها، إنما لأنهم أدركوا بأنهم اختاروا خطأ في السابق، ووجدوا أن القوات لم تغير خطابها؛ لم يكن خطابها مسيحياً ولم تقل مرة بأن معركتها استرجاع حقوق المسيحيين، وفي النهاية خسرنا أرضنا وتهجّر شبابنا.
ما هو تقييمك لحضور القوات المستجدّ في جزين؟
«كل عمرها» القوات موجودة في جزين. في انتخابات 2018، حصل مرشح القوات على حوالي 5 آلاف صوت تفضيلي. لم ينجح لأن طبيعة التحالف مع صيدا لم تسمح بالوصول إلى الحاصل. فضلاً عن أن الكثير من الناخبين لم يتحمسوا للاقتراع. رقم الخمسة آلاف يُبنى عليه، وبالفعل بنت القوات عليه لأنها تثق بأنها لم تخذل الناس يوماً. القصة ليست قصة مقعد أو مقعدين، بل معركة بين خط سيادي وخط يحمي الدويلة.
لماذا أحدث تحالفكم مع النقيب جدلاً في صيدا؟
من أحدث الجدل معروف المصدر والتوجه. في انتخابات 2018، تحالفت القوات مع رجل الأعمال مرعي أبو مرعي. لماذا لم ينبشوا ملفات الحرب؟ لأن الموضوع محض انتخابي عندما نريد نثيره وعندما نريد نحفظه. أنا عايشت أحداث صيدا وشرقها. من استحضر الماضي هو من لا يزال يمتلك ذهنية الحرب. لكن أهل صيدا يمثلهم اتفاق الطائف الذي طوى صفحة الحرب. لماذا نفتحها الآن على فريق ونقفلها على فريق آخر؟ إما أن نفتح ملفات الجميع ونرى من دفع الثمن ومن وصل إلى المناصب في المقابل، أو نقفل الملف نهائياً. لماذا نبارك المصالحة في منطقة ونرفضها في منطقة أخرى؟ رغم ما حدث، فإن العلاقة مع يوسف النقيب كانت موجودة أصلاً وستستمر لأنه يؤمن بحصرية السلاح والسيادة.
بعد الاستفزاز الذي سبّبه التحالف، كيف ستتعاطين مع صيدا؟
أنا بنت صيدا ولست موجودة في مكان عدائي. سابقاً كنت حاضرة فيها من خلال الشأن العام. الآن صار لديّ سبب إضافي للاهتمام بشؤونها. رغم ما حصل، الأجواء بين صيدا وجزين إيجابية. هناك روابط عائلية واقتصادية وتجارية بين المدينتين، فهما يكمل بعضُهما بعضاً كجبل وساحل. الخطاب الذي شرذم العلاقة بينهما يجب أن نوقفه. تواصلت مع النائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وهنّأتهما بالفوز. والعلاقة دائمة مع بهية الحريري.
ماذا عن العلاقة بجبل الريحان؟
يجب أن يكون هناك إعادة نظر في اختيار النواب في الريحان والجنوب بالنظر إلى نسبة الاقتراع الشيعية المتدنية. لإعطاء فرصة للديموقراطية وعندها فلينتخب الناس من يريدون وقد يعيدون انتخاب إبراهيم عازار. وبالنسبة إلى الإشكال الذي وقع يوم الانتخاب في كفرحونة بين شبان من القوات وشبان من شيعة البلدة، جلت على أقلام الاقتراع بعدها وقابلت ممثلين عن حركة أمل رفضوا ما حصل وأكدوا أن الإشكال فردي.
ألا تستفزّين أهل الريحان بشعار «حصرية السلاح» الذي بنيتِ عليه حملتك الانتخابية؟
نحن لا ندعو إلى نزع سلاح الحزب، بل حصر السلاح بيد الدولة، وندعو الحزب إلى العودة للدولة كحزب لبناني. أنا لم أعتد على بيئة حضنت المقاومة، بل أتحدث عن سلاح غير شرعي يُصوب إلى الداخل. إذا عاد الحزب إلى لبنانيته، يمكن أن نجد أموراً مشتركة بيننا. لكن لا يمكن أن نجلس على طاولة حكومة واحدة ومعنا فريق يهدد بمئة ألف مقاتل. أهل الريحان يعيشون في لبنان ولا يجب أن يقبلوا بوجود دولة ودويلة، وعلينا أن نعترف بدور الجيش اللبناني.
ماذا تحضّرين في أجندتك من مشاريع؟
أنا جزء من كتلة القوات الموجودة في مجلس النواب وسنعمل مع النواب السياديين والتغييريين وغيرهم لإقرار قوانين مثل استقلالية القضاء واللامركزية التي تساهم في تحقيق الإنماء لجزين وسواها.
هل تؤيدين قرار القوات بعدم انتخاب الرئيس نبيه بري لولاية جديدة؟
المؤكد أننا لن ننتخب بري. الدكتور سمير جعجع أعلن عن مواصفات رئيس المجلس الذي نريده. نحن لم نرفضه لنرفض. نريد رئيساً يطبق النظام الداخلي للمجلس ويفعّل التصويت الإلكتروني ويسترد قرار الحرب والسلم ليكون بيد الحكومة. لننتظر من سيترشّح أيضاً.