قيامة أبي

تردّدت كثير في المشاركة بالسّير خلف الجنازة أمس، فأنا يوجعني سخريةً وقوفُ الأحياء عند قبور أحبّتهم، يتحدّثون عن دنياهم، والموتى يصغون.

كان الثّلج قد كسى أرضُينا، أحياءً وموتى، راحت أيدي بعض المعزين ترتفع ملوّحة لي. اعتقدت أنّ الأمر فرحٌ بلقائي. لوّحوا فلوّحت.

تقدّم منّي أحدهم، وقال: “قبر أبيك مفتوح”، ثمّ تلاه آخر، ينبهني إلى ذلك، واستمرّ الملوّحون بالتّقاطر صوبي، منهم مَنْ يحذّر، ومنهم مَنٰ يحلّل، ومنهم مَنْ يفسّر.

كان القبر قد تحطّم سقفه، سقطت إحدى بلاطات غطائه، فانهال التّراب والثّلج، يملأ جوفه.

تجمّع النّاس حول قبر أبي. بعضهم يقترح الحلول، وبعضهم يدنو برأسه من الفتحة، يتفحّص ما في القبر.

وقفت عند قبر أبي، وبي شعور يخبرني “أنّ أبي قد قام”، فتّشت عن نور يفيض، فلم أجد، لم يكن قبرُ أبي قبرًا مقدّسًا، لكنّه صار حديث النّاس.

لقد قام أبي، قام وعلى طريقته كمؤمن بسيط، اعتاد إحياء حقله، وبعث الرّوح فيه، قام يوقظ النّاس في المكان، أعاد ذكره فيهم، وعاد يستمطر الدّعاء له بالرّحمات، كان أبي الوحيد مَنْ قام من بين الموتى، إثر ذلك الزّلزال، وللموتى طرقهم في العودة إلى حياة من أحبّوا.

فالسّلام عليك أبي يوم ولدت، ويوم متّ، ويوم عدت في النّاس حيًّا!

Exit mobile version