هي وصمة عار على جبين السلطة اللبنانية، والأحزاب اللبنانية، والمكوّنات السياسية اللبنانية بمختلف أشكالها وأنواعها. هذا هو حال كلّ “فلس” يدخل البلد، لمساعدة الشعب اللبناني، فيما تمتلك الأطراف السابق ذكرها من الأموال، ما يُمكنه أن يطمر العالم بأسره، ربما.
شكراً لكلّ من يساعد الشعب اللبناني، ولكلّ من يفكّر فيه، وبمحنته الكبرى. ولكن لا يُمكننا أن نصمت عن سلطة لبنانية فاسدة، تهلّل لأموال مساعدات تأتينا من الخارج، فيما مختلف الأحزاب والتيارات والمكوّنات السياسية في البلد، تمتلك أكثر ممّا يأتينا بكثير، وهي ترفض ضخّ ولو ربعه لصالح الشعب اللبناني. وحتى إن تلك التي تحكم، تتعامل مع الدولة على أساس أنه لا يوجد أصلاً من هو جدير باستلام أي مال، بينما هي قادرة على فعل الكثير لصالح الشّعب، بفئاته كافّة، في فترة حكمها على الأقلّ.
نحن لسنا شعباً مُحتاجاً، ولبنان ليس مُفلِساً، حتى الساعة، ورغم كل شيء. ومن يراقب الإنفاق المالي، السياسي والحزبي، لتأمين الفوز بالانتخابات النيابية، يُدرِك جيّداً أننا من البلدان التي تحوي الكثير من الثّروات “المخفيّة” في الخزائن.
فهل ان “المكوّنات” السياسية اللبنانية، عاجزة فعلاً عن دعم مراكزنا الصحية، وعن تحقيق الأمن الدوائي؟ وماذا عن الأمن الغذائي؟ هل يريدون إقناعنا بأننا سنموت جوعاً، بسبب عجز الذين يُنفقون “ألف قرش بلا طعمي”، عن توفير الطعام للّبنانيين كافّة، بألف أسلوب وطريقة؟
وماذا عن دعم قطاع التعليم، والمدارس، والجامعات؟ هل بتنا عاجزين فعلاً عن تعليم أولادنا في هذا البلد، أو هل ان مختلف الأحزاب والتيارات اللبنانية التي تجوب البرّ والبحر لتمويل حملاتها الانتخابية، عاجزة عن توفير المال للملفات التربوية، والصحية، ولدعم أطفال وشباب لبنان، ومستقبلهم، وحاجاتهم…؟
نحن نشكّ بعَدَم قدرتها على ذلك، لا بل ان أبرز ما يُمكننا تأكيده، هو أنها لا تريد ذلك. وهذه حقيقة قديمة، توحّد أحزاب وتيارات ومكوّنات السلطة “الفاسدة” و”معارضتها”، وما تبقّى من مكوّنات قوى 8 و14 آذار، على حدّ سواء. وبذلك، يتعادل الجميع في النّظر الى خارج يساعد، ويموّل حاجات الشعب اللبناني، بالملايين، فيما يوجد ما يفوق تلك الأخيرة في الداخل، بالمليارات التي تُنفَق على شراء الأصوات، والذِّمَم، وعلى البحث في كيفية تأمين نقليات يوم الانتخابات، وعلى تمويل حالة أو حالات “عقائدية” تابعة لجهات خارجية، تسيطر على مفاصل البلد.
شدّد مصدر واسع الاطلاع على أنه “إذا نظرنا الى الحملات الانتخابية الحاصِلَة، نجد أنها كلّفت مجتمعةً، لغاية اليوم، أربعة أضعاف ما يأتينا من ملايين أجنبية، لمساعدة الشعب اللبناني. وتلك الأضعاف لا تزال الأحزاب والتيارات والشخصيات السياسية اللبنانية، تنفقها على موسم انتخابي واحد، لم يصل الى خواتيمه بَعْد”.
وأكد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أن “أي دولة حول العالم لا يمكنها أن تعيش على تبرّعات في النهاية، مهما طال الزّمن. كما أن تلك التبرّعات عاجزة عن إعادة تشكيل دولة. فما يبني الدولة هو سلطة مُوحَّدَة تهيمن على كل القوى المسلَّحة في البلد، وتعمل على إنعاش الاقتصاد، ليصل الى مرحلة يغذّي فيها نفسه بنفسه”.
ولفت المصدر الى أنه “إذا قُلنا إن فلاناً تبرّع أو ساعدنا اليوم، فعلينا أن نسأل ماذا سيفعل في وقت لاحق؟ ونحن أيضاً ماذا سنفعل في المرّة المقبلة؟”.
وأضاف: “يُدرك المجتمع الدولي أن كل من في الداخل يكذبون. وما نسمعه ممّن نلتقيهم من المسؤولين الدوليين، يتضمّن ما يتوجّب أن نخجل منه كلبنانيين، نظراً الى أن كل دول العالم اكتشفت أننا لا نستحقّ مدّ يد المساعدة، ولا الشفقة حتى”.
وأشار المصدر الى أن “المجتمع الدولي مشغول بقضايا كثيرة في الوقت الراهن، أهمّها مراقبة تداعيات الحرب الروسيّة على أوكرانيا، بالإضافة الى أمور أخرى”.
وختم: “لا نُهمل أيضاً مسألة أن اليأس من حالنا، ضرب مختلف دول العالم. ولذلك، قد نسمع الجميع يقولون لنا بعد صدور نتائج الانتخابات النيابية، ان دبّروا أموركم بأنفسكم، وبما لديكم، إذ إنكم أهملتُم ما كان يجب أن تفعلوه. فأنتُم لم تجدوا حلّاً للسلاح غير الشرعي، ولذلك، نحن لن نُعيد العلاقات مع الدولة اللبنانية الى وضعها الطبيعي”.