يؤكد الباحث في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركيّة في بيروت طوني نمر، أن “الهزّات الأرضية الأخيرة وقعت في تركيا في منطقة الإسكندرون إلى جوار أنطاكيا، وإثر قوتها التي بلغت 6.3 شعر اللبنانيون بها على الرغم من وقوعها على بُعد أكثر من 200 كيلومتر عن شمال لبنان”. وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن “تأثير الهزة الأخيرة كان نفسيّاً أكثر منه مادياً، وذلك لما سبّبت الهزّات السابقة من دمار وخسائر في الأرواح”.
ويوضح نمر، أن “خط الهزّات الارتدادية لا يزال محصوراً بالبرّ نسبياً مع بعض الاستثناءات، وفالق البحر الميت يمتد حتى مسافة 1000 كيلومتر براً من خليج العقبة حتى تركيا ومن ضمنه فالق اليمونة، غير أنه لا يمكنه أن يتحرّك بأكمله، فحركته تأتي على أقسام. والحركة الزلزالية التي تحدث في تركيا لا يمكن أن تؤثّر عليه، بل إن خطرها يمكن أن يؤثر على الفوالق البحرية لا سيما تلك الممتدة من اللاذقية حتى الساحل اللبناني”.
ويؤكد نمر أن “الهزّات الارتدادية ستستمر حتى يرقد الفالق الذي أُصيب بالزلزال الكبير، وهذا أمر لا يمكن توقع مدته، ولكن نسبة خطورتها تبقى متدنية بالنسبة إلى الهزة الأساسية”.
وعن تصرّفات المواطنين عند حدوث الهزات ونزولهم إلى الشوارع، يقول، “كل شخص يعلم مدى متانة البناء الذي يسكنه ويحدد نسبة الخطر عند حدوث الهزات”. أما بالنسبة إلى افتراش الطرقات والنوم في السيارات في لبنان بعد حدوث هزة في تركيا، فرأى أنه “لا حاجة إلى القيام بهكذا أفعال، وإقفال المدارس من القرارات الخاطئة، لما ينتج عنه من ضرر نفسي وخوف بين التلاميذ لا سيما أن مصدر الهزة بعيد عن لبنان أكثر من 200 كيلومتر”.
بدورها، ترى معالجة الصّدمات والخبيرة في علم النفس الدكتورة سناء حمزة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن “الهلع الذي يعاني منه اللبنانيون نتيجة حصول هزات متتالية، أمر طبيعي يُعرف بالصدمة الحادة، وهي تستمر لشهر، ولكن إن تطوّرت الحالات بطريقة أكثر يصبح الأمر غير طبيعي، وعندها تُعرف الحالة باضطراب ما بعد الصدمة، وفي هذه الحالة يصبح الشخص في حاجة إلى معالجة”.
وتؤكد حمزة أن “الخوف يختلف من شخص إلى آخر، وأصبحت هناك مبالغة في ردّة الفعل، وذلك بسبب تعرض اللبنانيين لعدد متتالٍ من الصدمات في السنوات الأخيرة. لكن الأمر يصبح غير طبيعي عندما لا يستطيع الشخص النوم، والشروع في سلوكيات خاطئة، وتعاطي أدوية الأعصاب”.
وتشير إلى أنه “عندما تزيد الحالة على حدّها، كالنوم في الشوارع وفي السيارات، يصبح الأمر غير طبيعي وخاطئاً، وتصبح ردّات الفعل مبالغاً فيها وتُعرف بالـوسواس”.
وتلفت حمزة إلى أن “ما ساهم في هذا الأمر هو الكم الكبير من المعلومات المغلوطة التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، من دون أن ننسى أن ما نعيشه ليس أمراً بسيطاً خصوصاً مع المشاهد المحزنة في تركيا وسوريا”.
وعن الخطوات الصحية لمعالجة هذا الأمر، تؤكد حمزة “ضرورة أخذ الخبر من مصدره الأساسي والتقليل من متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وتغيير هذا الأمر بمشاهدة الأفلام المرحة، وممارسة الرياضة والتمارين أو أي هواية أخرى. والأهم من كل ذلك دعت إلى عدم تنزيل التطبيقات التي تعنى بمجال الزلازل والهزّات.”