يستطيع لبنان الإفادة من الحراك في المنطقة على الرغم من المخاوف التي تنتاب اللبنانيين من أن تأتي الحلول على حسابهم، وعلى خلاف مقولة أن لبنان أصغر من أن يقسّم أعتبر أن لبنان أصغر من أن تأتي الحلول على حسابه فالأزمة أعمق والحل لنكبة غزة لن تكون بخلق نكبة إسمها لبنان وبؤرة بؤس أخرى في المنطقة…
وإذا أردنا الإنطلاق من مأساة غزة، يمكن القول بأن التهديدات الإسرائيلية بحرب تدميرية شاملة على لبنان فرغت من مضمونها بعد مشاهد غزة واستحالة أن يقبل العالم السكوت عن تكرار مشاهد غزة في لبنان، ولكن ذلك لا يعني ابتعاد شبح الحرب العسكرية التقليدية ضمن مساحة جغرافية محدودة وفقاً للمواثيق والمعايير الدولية…
أما في الداخل السياسي فقد أظهرت تطورات الشهر الأخير من العام ٢٠٢٣ تغييراً ما زال خجولاً في التعاطي مع انكفاء سطوة التيار الوطني الحر وقدرته على فرض سلبياته بعد تخلّي مبطّن عنه من قبل “ح ز ب” الله لعدّة أسباب، واعتراف محور الممانعة بضرورة الإستماع للأطراف المسيحية الأخرى وعلى رأسها بكركي والقوات اللبنانية إضافة إلى القوى الحليفة في المعارضة التي تتفق في العناوين وإن اختلفت في تفاصيل المنافسة.
أما في العام ٢٠٢٤ القادم، فتجربة التمديد لقائد الجيش ستكون حافزاً لاتصالات على مستوى جديد تكون قادرة على إنتاج حلّ وسط مع استحالة الوصول إلى غالب ومغلوب وذلك برجوع كافة الأطراف خطوة إلى الوراء بتراجعهم عن مرشحيهم والتوافق على إسم رئيس جديد قادر على قيادة مرحلة انتقالية لمعالجة جوانب أساسية في الأزمة التي يعيشها لبنان على كافة المستويات، والشخصيات القادرة على هذا الدور كثيرة يشكّل قائد الجيش أحدهم وليس أوحدهم.