لماذا التضامن مع وزير لا يُبالي؟

بالنسبة للمُشاهد من البعيد، أي من بلد آخر، يبدو خبر دفع شاب لوزير الطاقة أثناء خروجه من ملهى ليلي، ربما في حالة سُكْر أو “زهزهة”، عادياً جداً. هو خبر متصالح مع سياقه.

فالحدث يأتي بعد مجموعة من الكوارث كانت الدولة بشكل رئيسي مسؤولة عنها. هناك أولاً الانقطاع التام للكهرباء على جميع الأراضي اللبنانية، وفشل الدولة في مفاوضاتها مع صندوق النقد والدول الأخرى لاستجرار الغاز، ولا يهم المواطن العادي هنا أسباب هذا الفشل وخلفياته.

هناك ثانياً غرق مركب للمهاجرين غير الشرعيين في البحر، أثناء هروبهم، بعد اصطدامهم بمركب لخفر السواحل اللبناني، ما أدخل البلد في حالة من الغضب والحداد العام.. ثم هناك ما استتبع هذا الحدث من تمزيق لصور سياسيين ومرشحين للانتخابات في طرابلس وإشكالات مع الجيش اللبناني.

مع كل هذه الأحداث، يبدو من الطبيعي جداً، بالنسبة لمراقب من بعيد، أن يقوم مواطن لبناني بدفع أو ضرب وزير طاقة، أو أي وزير آخر صودف أنه قادر على الوصول إليه. مع ذلك احتشد اللبنانيون في مواقع التواصل للتنديد بالاعتداء على الوزير والتعاطف معه ورجم المعتدي.

يبدأ التعاطف مع تصنيف كل من المعتدي، والمُعتَدى عليه. فالشاب، إيلي هيكل، كما غرد كثيرون في مواقع التواصل، مناصر لـ”القوات اللبنانية”، مع كل ما يستتبع هذا التصنيف من صفات مثل “المليشياوية والبلطجة”، حسب خصوم “القوات”.

أما ربط ايلي هيكل بصفته الحزبية والاعتداء في ثورة 17 تشرين، فيجمع ضده كل أنصار “التيار الوطني الحر”، “الحزب”، “حركة أمل” وغيرهم ممن تقشعر أبدانهم بمجرد ذِكر كلمة 17 تشرين وثورة و”كلن يعني كلن”.

هناك أيضاً نزع صفة وزير الطاقة عن وليد فياض. فهو الرجل العصري، المهضوم، الذي يتجول بين الناس ويبادلهم النكات والمزاح، يلتقط الصور أمام الأهرامات في مصر، مثله مثل أي سائح عادي، يخرج من دون مرافقة.

وليد فياض الإنسان، الذي يظهره فيديو الاعتداء في لحظة ضعف، مستجدياً للتعاطف، ينسى الناظر إليه وإلى صفاته المتداولة من المتعاطفين أن هذا الرجل يحمل صفة وزير للطاقة، أحد أهم أركان الحكومة اللبنانية.

لا شك أن وزير الطاقة رجل غير مبالٍ على أصعدة عديدة، أولاً هو غير مبالٍ بأمنه الشخصي، لكن الأهم هو أنه غير مبال بما يحل باللبنانيين من مصائب وكوارث وخلال أحلك لحظاتهم.

غرق مركب طرابلس، لم يمنعه من الخروج إلى النوادي الليلية. يحتفل، يرقص، يفرح، من دون أن يتحلى بأدنى حسّ من المسؤولية أو التعاضد مع مواطنيه المنكوبين، وربما تكون لامبالاته مدعاة إزعاج لزملائه السياسيين أكثر منها للشعب اللبناني، حيث أن فياض يظهر الوجه الحقيقي لهم: لا مبالون بما يحل بالبلد والمواطن، يعيشون حياتهم المترفة على هامش أوجاع الناس. الفرق بينه وبينهم هو أن الآخرين لا يبالون في السر، أما فياض فلا يبالي على الملأ.

زر الذهاب إلى الأعلى