بالنسبة للمُشاهد من البعيد، أي من بلد آخر، يبدو خبر دفع شاب لوزير الطاقة أثناء خروجه من ملهى ليلي، ربما في حالة سُكْر أو “زهزهة”، عادياً جداً. هو خبر متصالح مع سياقه.
فالحدث يأتي بعد مجموعة من الكوارث كانت الدولة بشكل رئيسي مسؤولة عنها. هناك أولاً الانقطاع التام للكهرباء على جميع الأراضي اللبنانية، وفشل الدولة في مفاوضاتها مع صندوق النقد والدول الأخرى لاستجرار الغاز، ولا يهم المواطن العادي هنا أسباب هذا الفشل وخلفياته.
هناك ثانياً غرق مركب للمهاجرين غير الشرعيين في البحر، أثناء هروبهم، بعد اصطدامهم بمركب لخفر السواحل اللبناني، ما أدخل البلد في حالة من الغضب والحداد العام.. ثم هناك ما استتبع هذا الحدث من تمزيق لصور سياسيين ومرشحين للانتخابات في طرابلس وإشكالات مع الجيش اللبناني.
مع كل هذه الأحداث، يبدو من الطبيعي جداً، بالنسبة لمراقب من بعيد، أن يقوم مواطن لبناني بدفع أو ضرب وزير طاقة، أو أي وزير آخر صودف أنه قادر على الوصول إليه. مع ذلك احتشد اللبنانيون في مواقع التواصل للتنديد بالاعتداء على الوزير والتعاطف معه ورجم المعتدي.
رسالة من الشعب اللبناني لوزير الطاقة وليد فياض أثناء خروجه من ملهىٰ ليلي وهو في حالة سُكر بينما الشعب يعيش بلا كهرباء في شهر #رمضان ومعاليه يتسكع بالمقاهي والبلد علىٰ كف عفريت – #لبنان #بيروت #وليد_فياض #حزباله #طرابلس #Lebanon #Beirut pic.twitter.com/qVIkW8gZsM
— Jarah Aldhafeeri جراح الظفيري (@Q8J72) April 25, 2022
ولا مرة دعمت الوزير #وليد_فياض لانو ما عندي أمل انو ممكن يعمل أي شي بالمدة الزمنية القصيرة يلي رح يتولى فيها الوزارة. بس في واحد بلا أخلاق، وبلا ترباية، قرر يعمل زلمة (لانو ما بيشبه الزلم بشي) ويضرب الوزير يلي واقف بدون أي حماية مع الناس ويحمله ذنب فساد 30 سنة للدولة.
كل التضامن pic.twitter.com/DznI6nFIJv— إيمان بشير (@BashirrEman) April 24, 2022
يبدأ التعاطف مع تصنيف كل من المعتدي، والمُعتَدى عليه. فالشاب، إيلي هيكل، كما غرد كثيرون في مواقع التواصل، مناصر لـ”القوات اللبنانية”، مع كل ما يستتبع هذا التصنيف من صفات مثل “المليشياوية والبلطجة”، حسب خصوم “القوات”.
أما ربط ايلي هيكل بصفته الحزبية والاعتداء في ثورة 17 تشرين، فيجمع ضده كل أنصار “التيار الوطني الحر”، “الحزب”، “حركة أمل” وغيرهم ممن تقشعر أبدانهم بمجرد ذِكر كلمة 17 تشرين وثورة و”كلن يعني كلن”.
مع الوزير ادمي #وليد_فياض ضد البلطجية والزعران جماعة الساو ساو pic.twitter.com/prw4sRKQWd
— الحاج عباس (@hajjabbes19) April 24, 2022
لأنو إنسان متواضع وعايش متل باقي الناس
استلم وزارة منهوبة من ٣٠ سنة
حاول وعم يحاول يشتغل لمصلحة الناس
بيضهر بين الناس دون مرافقة وحراسة متل غيرو
شوية زعران انذال ولاد شوارع بيطاولو عليه@WalidFayad14 #وزير_الطاقة#وليد_فياض pic.twitter.com/hu18O3v83V— Ali Mehana 🇱🇧🇱🇧 (@alimehana) April 24, 2022
ليس من باب التحريض بل التوصيف..
التعرض الى #وزير_الطاقة #وليد_فياض من ايلي هيكل المحسوب على القوات اللبنانية هو نوع من استعراض قوة لإظهار ضعف سيترك اثر سلبي في الوعي الجماعي في مكان اخر!.
وهذه ليست المرة الأولى.. ما نسينا بعد نفق نهر الكلب وجل الديب!..— 𝙁𝙖𝙙𝙞 𝙎𝙞𝙗𝙖𝙞 🇱🇧 (@Fadi_Sebai) April 24, 2022
هناك أيضاً نزع صفة وزير الطاقة عن وليد فياض. فهو الرجل العصري، المهضوم، الذي يتجول بين الناس ويبادلهم النكات والمزاح، يلتقط الصور أمام الأهرامات في مصر، مثله مثل أي سائح عادي، يخرج من دون مرافقة.
وليد فياض الإنسان، الذي يظهره فيديو الاعتداء في لحظة ضعف، مستجدياً للتعاطف، ينسى الناظر إليه وإلى صفاته المتداولة من المتعاطفين أن هذا الرجل يحمل صفة وزير للطاقة، أحد أهم أركان الحكومة اللبنانية.
في ٣٣ مواطن لبناني غرقان بالبحر حالياً ما حدا بيعرف عنن شي ، و في ناس انخدشت مشاعرها انو وزير بهالدولة أكل دفشة …
وزير القطاع الأكثر هدراً ، بدل ما يكون مقبور بالوزارة عم يجرب يلاقي حل للمعامل اللي خرجت كلها عن الخدمة ، نازل يسكر و يرقص.
كسمكن شعب ملوفَك بدو دعس ..#وليد_فياض pic.twitter.com/3z4fkPPF6a— Perla Haydar (@PerlaHaydar) April 24, 2022
لا شك أن وزير الطاقة رجل غير مبالٍ على أصعدة عديدة، أولاً هو غير مبالٍ بأمنه الشخصي، لكن الأهم هو أنه غير مبال بما يحل باللبنانيين من مصائب وكوارث وخلال أحلك لحظاتهم.
غرق مركب طرابلس، لم يمنعه من الخروج إلى النوادي الليلية. يحتفل، يرقص، يفرح، من دون أن يتحلى بأدنى حسّ من المسؤولية أو التعاضد مع مواطنيه المنكوبين، وربما تكون لامبالاته مدعاة إزعاج لزملائه السياسيين أكثر منها للشعب اللبناني، حيث أن فياض يظهر الوجه الحقيقي لهم: لا مبالون بما يحل بالبلد والمواطن، يعيشون حياتهم المترفة على هامش أوجاع الناس. الفرق بينه وبينهم هو أن الآخرين لا يبالون في السر، أما فياض فلا يبالي على الملأ.