لا أختلف مع أحد حول أحقية وضرورة تأديب قاضية العهد الأسود غادة عون، ولا شكّ أن هناك ألف سبب وسبب لشعور الغبطة والشماتة التي تعتمر في قلوب المتضررين من عهد الرئيس السابق ميشال عون ووجوب محاكمته ولو بعد وفاته وعدم العفو عنه لا عند المقدرة ولا عند المقبرة، ولكن هناك أمران ينبغي اتخاذهما في الحسبان:
الأول أن لا يجري هذا الأمر بطريقة التشفّي وهذا ما قد يوحي بمظلومية لا أحد قادر على الإستثمار به بقدر التيار العوني الذي بنى حيثيته على لعب دور الضحية فيما هو أبطش جلاد عرفه لبنان ويتنافس ميشال عون على اللقب العالمي مع سائر الطغاة الذين عرفتهم البشرية في تاريخها الحديث والقديم من أمثال هولاكو، عيدي أمين، تشاوشيسكو و “ح س ن” نصرالله…
الأمر الثاني هو أن محاكمة عهد ميشال عون لا يمكن إنجازها عبر شركائه في المنظومة الحاكمة والتركيبة الفاسدة التي تتحمّل مسؤولية خراب لبنان بقدر ما يتحملها ميشال عون وجبران باسيل، فابتعاد التيار العوني عن المحور ظرفياً لأسباب خاصة لا تبرّئه ومحاكمة عهد عون من قبل فاسدين لا تجرّمه بل تجعله في موقع كبش المحرقة…
المحاكمة الحقيقية الوحيدة هي تلك الشعبية التي جرت من خلال الإنتخابات النيابية التي خاضها التيار بالتسوّل وحصد من خلالها كتلة هجينة بأصوات معارة من أكثر من طرف لمواجهة القوات اللبنانية فقط لا غير للمحافظة على توازن سياسي على الساحة المسيحية، وهنا يمكن القول بأن الغباء السياسي أشد خطراً من بطش الطغاة والغزاة.