أعلن سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي فريد الياس الخازن أن “زيارة قداسة البابا فرنسيس الى لبنان في حزيران المقبل تأتي تجسيدا لرغبة عبر عنها مرارا وفي غير مناسبة، وتلبية لدعوة وجهها إليه مجددا فخامة الرئيس العماد ميشال عون خلال زيارته الأخيرة الى الكرسي الرسولي”.
وأشار إلى انه, “كان من المتوقع ان تتم الزيارة هذه السنة، كما أشار وزير خارجية الفاتيكان المطران بول ريتشارد كالغر خلال زيارته الاخيرة الى لبنان، لكن من دون تحديد موعدها”. وقال: “لقد تم الإعلان عن زيارات الحبر الاعظم الخارجية في شهر تموز المقبل الى جنوب السودان وكندا وربما الكونغو. زيارة لبنان أرادها قداسته بعد الانتخابات النيابية المقررة في 15 ايار، وفي ذلك رسالة واضحة الى أنها غير متصلة بالشأن السياسي الداخلي، وتداركا لعدم توظيف الحدث في التجاذبات السياسية المعهودة.”
ولفت إلى أنه “الزيارة تتم في ظروف في لبنان والمحيط الاقليمي تختلف عن تلك التي سادت عندما زار البابا القديس يوحنا بولس الثاني لبنان في 1997 وأعلن الارشاد الرسولي المنبثق عن السينودس الكنسي الخاص حول لبنان، وكذلك زيارة البابا بندكتوس السادس عشر في 2012 التي تم خلالها اعلان الارشاد الرسولي حول الشرق الاوسط. وقبل عقود، كانت زيارة خاطفة للبابا القديس بولس السادس في 1964 وهو في طريقه الى الهند، آتيا من القدس”.
وأضاف, “لم يكتف الحبر الاعظم بالمبادرات غير المسبوقة التي أطلقها منذ 2019 تجاه لبنان، وأبرزها لقاء رؤساء الكنائس في الفاتيكان في الاول من تموز الماضي، بحضور البابا شخصيا، فضلا عن المساعدات الانسانية وزيارات كبار المسؤولين الى لبنان، بل ها هو يخص لبنان بزيارة على رغم انشغالاته ووضعه الصحي غير المريح. وتجدر الاشارة الى ان زيارة البابا الى القدس للقاء بطريرك روسيا كيريل تم الاعلان عن إلغائها على رغم التداول بحصولها بعد زيارة لبنان”.
وعن أولويات البابا فرنسيس في لبنان قال الخازن: “اهتمامات الحبر الاعظم واولوياته في الشأن الكنسي وفي مقاربته للعلاقات بين الاديان والشعوب تختلف عن مقاربة اسلافه المعاصرين. وهو يولي اهتماما خاصا بالانفتاح على الاديان، وفي هذا الإطار جاء لقاء البابا مع شيخ الازهر في ابو ظبي لإعلان وثيقة الاخوة الانسانية في شباط 2019 واجتماعه العام الماضي مع السيد علي السيستاني في العراق. ثمة محاور ثابتة في الرسالات العامة للبابا فرنسيس”.
بالإضافة إلى, “مواضيع السينودس الحالي الذي يتم اعداده، وكان سبقه منذ نحو عامين سينودس حول الامازون. ومن أبرز هذه المحاور كرامة الانسان وحقوقه والتركيز على اوضاع المهمشين والفقراء والهجرة، فضلا عن حماية البيئة. ومن القضايا التي يعتبرها قداسة البابا من الاولويات إعلاء شأن المرأة وتفعيل دور العلمانيين في الكنيسة. الاقوال ترجمت الى أفعال في الاشهر الماضية مع تعيين عدد غير قليل من النساء والمكرسات في مواقع القرار والمسؤولية في دوائر الكرسي الرسولي”.
وأكّد أن, “من أهداف الزيارة تأكيد الحرص على الاهتمام المتواصل بلبنان على رغم الازمات الدولية المتفاقمة وأبرزها الحرب في اوكرانيا، وأيضا وضع حد لمعاناة الناس اليومية وانتشال البلاد من الازمات التي تعصف بها، وكذلك التأكيد على العدالة وعلى أهمية التجربة اللبنانية في العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين في سياق “لبنان الرسالة”، على حد تعبير البابا يوحنا بولس الثاني. هذا بالإضافة الى تحصين الاستقرار الداخلي وذلك عبر الحد من التأثيرات السلبية للتحولات الاقليمية والدولية على الساحة اللبنانية”.
وأشار الخازن إلى أنه ,”بكلام آخر، حرص الكرسي الرسولي على ان لا تتم تسويات اقليمية او دولية على حساب لبنان، الدولة والمجتمع. ولا مبالغة في القول ان هذا التوجه بات من ثوابت السياسة الخارجية في الفاتيكان. وللزيارة مردود وازن يتجاوز الجانب المعنوي والكنسي، لا سيما لجهة اعادة احياء الاهتمام الدولي بلبنان بعد ان اخذت الحرب في اوكرانيا الحيز الاكبر من اولويات المجتمع الدولي في الآونة الاخيرة”.
وأضاف, “سيزداد المردود الايجابي للزيارة في حال تم اقرار الاصلاحات ووضع خطة التعافي الاقتصادي على الطريق الصحيح، ما يعطي لدور الفاتيكان زخما اضافيا، وتحديدا في مساعيه الداعمة للبنان مع الدول المعنية، حيث كلمة الفاتيكان مسموعة. وهذا يعني ان على لبنان ان يتخذ الاجراءات الضرورية لاستعادة الثقة بالدولة ودورها في الداخل ومع الخارج”.
واعتبر الخازن أن “مفاتيح الحلول لأزمات لبنان، وخصوصا المالية والاقتصادية والفساد وهدر المال العام، ليست كلها بيد الخارج”.
وشدّد على أنه, “في هذا الموقف يلتقي الفاتيكان مع التوجهات الدولية ومواقف الاطراف المعنية بالشأن اللبناني. وتجدر الاشارة الى ان البابا فرنسيس يولي مسائل الإصلاح أهمية قصوى في دوائر الفاتيكان، ولقد تم اقرارها والاعلان عن مضامينها منذ بضعة أسابيع”.