فرض التأزم الداخلي اللبناني، إيقاعه على المساعي الدولية لحلحلة الانغلاق الذي يمتد من التعثر في انتخاب رئيس للجمهورية، إلى تعذّر انعقاد جلسات تشريعية في البرلمان في ظل رفض نيابي واسع يتصدره نواب حزبيْ «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، فيما «لم يعد الغطاء الدولي للملف اللبناني مطلقاً»، وبات «مشروطاً بانتخاب رئيس».
وفشلت القوى السياسية، على مدى خمسة أشهر، في التوافق على رئيس ينال أصوات ثلثي أعضاء مجلس النواب، أو بضمان نصاب ثلثي النواب في الجلسة الثانية لانتخاب الرئيس، وذلك على مدى 11 جلسة عُقِدَت منذ أيلول الماضي. وفي ظل التأزم السياسي، وتفاقم الأزمات المعيشية والمالية والاقتصادية، تعذر عقد جلسة تشريعية كان رئيس مجلس النواب نبيه بري بصدد الدعوة لانعقادها لإقرار قانون «الكابيتال كونترول» وقوانين أخرى.
وبعد الاجتماع الخماسي الذي عُقد في باريس في الأسبوع الماضي، وحضره ممثلون عن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر، أفضت زيارة سفراء الدول الخمس لرئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الاثنين، إلى أن الحراك الدولي «أعطى فرصة اليوم ليكون الاستحقاق الرئاسي صناعة محلية لبنانية، مع تشجيع دولي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة للنهوض من الأزمة»، حسبما قالت مصادر نيابية مواكبة لجولة السفراء الخمسة، نافية لـ«الشرق الأوسط» الحديث عن أن لبنان بات بلا غطاء دولي، مؤكدة أن الغطاء اليوم «بات مشروطاً بانتخاب رئيس»، ودفعت برسالة بأن «لا طرف دولياً يتدخل في انتخابات الرئاسة، والكرة في ملعب اللبنانيين».
ولا يرى النائب السابق علي درويش، المقرب من ميقاتي، أن الغطاء الدولي رُفع عن لبنان، مشدداً على أن لبنان «لا يزال محط اهتمام دول رئيسية، بدليل الحضور الدولي، سواء باجتماع باريس، أو بزيارة الدبلوماسيين للرئيسين ميقاتي وبري»، لكنه يشير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأمور «لم تصل بعد لنتائج ملموسة»، في إشارة إلى الاستحقاق الرئاسي اللبناني الذي «لا يزال يراوح ضمن دوامة داخلية».
وقالت مصادر مواكبة لحركة السفراء الخمسة في بيروت، إن الرسالة الأساسية هي أن الدول المهتمة بالاستقرار في لبنان، «مستعدة لمساعدة اللبنانيين إذا ساعدوا أنفسهم»، وفي مقدمة ذلك إنجاز انتخاب الرئيس، و«دعت اللبنانيين لصناعة الاستحقاق بأنفسهم»، مشيرة إلى تطابق في وجهة النظر مع مسؤولين لبنانيين حول ضرورة التوافق لإنجاز الاستحقاقات، ومن ضمنها دعوة بري للحوار بهدف الخروج من المراوحة في ملف الانتخابات الرئاسية. ورفضت المصادر كل التسريبات حول رسائل غربية بقطع العلاقات مع لبنان، واضعة تلك التسريبات في إطار «التهويل»، وقالت إن «قطع العلاقات مع لبنان تترتب عليه مخاطر كبيرة، تبدأ من الاستثمارات الواعدة في قطاع الطاقة الواعد، وتصل إلى ضرورة عدم رمي لبنان في الحضن الإيراني».