هل ستكون زحلة “أم المعارك” بين “القوات اللبنانية” و”الحزب”؟

يحلو للبعض تسمية الانتخابات النيابية في زحلة بأم المعارك، رغم أن المراقبين يعتبرون ان الانتخابات النيابية هي أم المعارك بحد ذاتها وليست في منطقة محددة لأن التصويت سيكون حول مشروعين كبيرين: هما “الحياد” أو “المقاومة”. مع ذلك ستكون للانتخابات في زحلة نكهة خاصة لأن القضاء يضم كل القوى السياسية وكل الطوائف اللبنانية، ويعتبر صورة مصغّرة عن كل لبنان.

حتماً دخلت زحلة باكراً في المعركة الانتخابية، وحشدت كل القوى مرشحيها وماكيناتها: “القوات اللبنانية”، “الحزب”، “التيار الوطني الحر”، حركة “أمل”، ميريم سكاف، المجتمع المدني ومستقلون.

اكتملت اللوائح في 4 نيسان وباتت العودة إلى الوراء مستحيلة وقد بلع عددها 8 لوائح، فماذا يجري في زحلة؟

لا شك في أن “القوات اللبنانية” كانت السباقة في تجهيز كل ما يلزم لتشكيل لائحة متناغمة سمّتها “زحلة السيادة” وضمت جورج عقيص (كاثوليكي) والياس اسطفان (ارثوذكسي) وميشال تنوري (ماروني) الذين يعتبرون مرشحين اساسيين لـ”القوات”، إضافة إلى مرشحين مستقلين مدعومين من “القوات” وهم بيار دمرجيان (ارمن ارثوذكس) وسابين القاصوف (كاثوليك) وبلال الحشيمي (سني) وديمه ابو ديه (شيعية).

وتصر القوات على أن تؤمن حاصلين مرتاحين حتى لا تصل عملياً إلى تنافس داخلي بين مرشحيها الأساسيين. وهذا يضعها في تنافس على الناخب المتردد، والذي يمكن أن يصب أصواته في مصلحة اللوائح الأخرى. لكن ما يطمئن “القوات” أن زحلة وفيّة لها ولم تخيّب آمالها ولو مرة واحدة، وخصّص رئيسها سمير جعجع كلمة قوية لها في ذكرى شهداء زحلة. ومن الأوراق الرابحة تحالف “القوات” مع الرئيس فؤاد السنيورة، مما قد يُربح اللائحة أصواتاً سنيّة تكون رافعة لتحقيق مفاجآت، لكن الحشيمي يتعرض في زحلة لحملة عنيفة من داخل بيئته السنّية بسبب تحالفه مع “القوات”، لكنه، وفي اسوأ الاحوال يستطيع تأمين الاصوات التي تحتاجها “القوات” للفوز بالمقعد الاول في حين تزداد فرصه بالفوز بمقعده صعوبة نظراً لفقدان قدرته على استقطاب الصوت السنّي، إلا إذا جاءت كلمة السرّ من جهة اقليمية قد تقلب الموازين رأساً إلى عقب! وتبدو الأجواء في زحلة محتدمة بين مشروعي “القوات” و”الحزب”، وستشهد ساحات زحلة وضواحيها مبارزة قوية بينهما انتخابياً.

من جهته، شكّل “الحزب” و”التيار الوطني الحر” و”الطاشناق” لائحة سميّت “زحلة الرسالة” وضمت جورج هامازاسب بوشكيان (ارمن ارثوذكس)، انطوان الشقيه (ارثوذكس)، ربيع عاصي (كاثوليك)، حسين صالح (سني)، رامي ابو حمدان (شيعي) وسليم عون (ماروني). تعاني هذه اللائحة من ثغرة اساسية وهي فشلها في بلورة خطاب واحد أو مشروع واحد، فخطاب “الحزب” يحرج الحليف المسيحي، وخطاب “التيار” لا يقنع الحليف الشيعي، مما قد يخلق إزدواجية في الخطاب شبيهة بتلك الممارسة حالياً في السلطة. لكن “الحزب” ينطلق من كتلة متراصة، هي الأكبر والأكثر التزاماً في الدائرة، وفقا لأرقام صناديق اقتراع سنة 2018. لكن في الدورة الانتخابية السابقة فشل “الحزب” في المحافظة على حلفائه، إذ كيف يجير أصواته التفضيلية لمرشحه رامي أبو حمدان، خصوصاً أن النائب سليم عون -وإن كان ينطلق من أصوات قاعدة التيار المتراجعة في المدينة- يحتاج إلى عدد من هذه الأصوات ليرتاح في معركته؟ فيما لا يستبعد البعض أن يخوض الحزب معركة المرشح السنّي على لائحته، وهو رئيس بلدية مجدل عنجر السابق حسين صالح، إثباتا لتنوع قاعدته وحضوره الفاعل في الشارع السني.

عموماً، يتوقع “الحزب” مع حلفائه أن يؤمّن ثلاثة حواصل أو حاصلين وكسر أعلى كحد أدنى.

أما اللائحة الثالثة فهي بإسم “الكتلة الشعبية” وتديرها ميريم سكاف زوجة الراحل الياس سكاف، والمعلوم أنها تخوض معركة المقعد الكاثوليكي الذي كان زوجها شريكاً في تحديد مصيره لدورات انتخابية كثيرة وخصوصاً في ظل وجود الاحتلال السوري. وميريم كانت قد خسرت معركتها في الانتخابات النيابية السابقة، بعدما عجزت عن تأمين حاصل انتخابي. وبالتالي فإن تجربتها هذه المرة قد تكون الأخيرة. فإما أن تستعيد دور بيت سكاف السياسي في المدينة، أو يغلق مرة أخرى.

الإيجابية التي تسجل لسكاف هي أنها الكاثوليكية الوحيدة التي ترأس اللائحة في زحلة باسم الكتلة الشعبية العريقة في تاريخ المدينة، رغم ضعف الكتلة اليوم بعد وفاة رئيسها السابق، من دون أن تتمكن سكاف من الحفاظ على القواعد التي كانت تناصر زوجها. ورغم محاولات ميريم إظهار نفسها أنها خارج حسابات الأحزاب المنافسة، “المسيحية تحديداً”، فإن العين تبقى على نسبة الأصوات التي تحصل عليها، ومن شأنها أن تقلل من حواصل لوائح أخرى، وخصوصاً لائحتي ضاهر وزحلة تنتفض. وتضم لائحة سكاف، هي نفسها عن المقعد الكاثوليكي، ناريك ابراهانيان (الارمن الارثوذكس)، سامي نبهان (الارثوذكس)، محمد حمود (سني)، فوزات دلول (شيعي) ومارون مخول (ماروني)، واللافت ان تردد الأخير اصاب اللائحة بارتباك اثر عزوفه لأسباب ربطها بالظروف الإقليمية والدولية والمحلية، ومن ثم إعلانه الترشح مجدداً نزولاً عند إلحاح من أصدقاء ومحبين!

اللائحة الرابعة فهي “زحلة تنتفض” التي تمثّل المجتمع المدني وثورة 17 آذار وتضم كلاً من ارمين اصفهاني (ارمن ارثوذكس)، عيد عازار (ارثوذكس)، جهاد الترك (كاثوليك)، حمزة ميتا (سني) وعامر الصنبوري (شيعي). ويبدو عيد عازار الورقة الأكثر قوة في هذه اللائحة، وهو أثبت تمسكاً وعناداً في السير بالمعركة رغم العراقيل التي واجهها في التحالفات، واضطراره لتصحيح مسار بعضها في أكثر من محطة. وقد تؤمّن هذه اللائحة حاصلاً فيدخل عازار على خط المنافسة الارثوكسية مع المرشح “القواتي” الياس اسطفان.

وربما تحقق هذه اللائحة “نائب فلتة شوط” مشابه لما حصل مع النائب الأرمني إدي دمرجيان في دورة 2018.

أما اللائحة الأخيرة على خط المنافسة فهي “سياسيون مستقلون”، ويبدو همّ هذه اللائحة تأمين فوز رئيس اللائحة وممولها ومشكّلها، أي ميشال ضاهر (كاثوليكي)، مارتين دمرجيان (ارمن ارثوذكس)، يوسف قرعوني (ارثوذكس)، عمر حلبلب (سني)، فراس ابو حمدان (شيعي) وسمير صادر (ماروني).

ويعتمد ضاهر على استقطاب الصوت السني، بعدما نجح في انتخابات 2018 في تجيير قسم من ماكينة تيار المستقبل لمصلحته. لكن المهمة هذه المرة تبدو أصعب، في ظل تشتت الصوت السني. علما أن المرشح الماروني في لائحة ضاهر أي سمير صادر، يخوض معركة جدية بعدما حظي بدعم حزب “الكتائب اللبنانية”، وهو الحزب الوحيد المتحالف مع هذه اللائحة.

ولتوضيح مسار المعركة الانتخابية في زحلة يجب التذكير بأنها تضم سبعة مقاعد وبلوك الأصوات في الدائرة حسب انتخابات 2018 كالآتي: تيار المستقبل 19 ألف صوت، الثنائي الشيعي 15 ألف صوت، القوات 12 ألف صوت، ميشال ضاهر 10 آلاف صوت، التيار الوطني الحر بين 4 و6 آلاف صوت، ميريم سكاف 5 آلاف، والطاشناق 1,800.

Exit mobile version