تقترب أزمة مرضى غسيل الكلى، اليوم، من الحلحلة مع الدخول في مفاوضات جدية بين وزارة الصحة العامة ونقابة أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان وجمعية أطباء غسيل الكلى. وفي آخر تحديث للمفاوضات القائمة بين الأطراف الثلاثة، جرى الاتفاق على أمرين «أساسيّين»، كما يصفهما نقيب أصحاب المستشفيات، سليمان هارون: أولهما التوافق على كلفة جلسة الغسيل لمرضى الكلى ومعها بدل أتعاب الأطباء، حيث جرى تحديد الكلفة بـ53 دولاراً أميركياً، ملحقة بعشرة دولارات بدل أتعاب الطبيب عن كلّ جلسة. أما الأمر الثاني، فيتعلق بالإجماع على وضع «مؤشر متحرّك لموضوع غسيل الكلى»، وفق ما أعلن وزير الصحة العامة، فراس أبيض. ومن المفترض أن يصدر هذا المؤشر شهرياً، بحيث ترسل المستشفيات فواتيرها الشهرية، على أن تُصرف وفق المؤشر على أساس سعر صرف الدولار.
وقد أتت هذه الخلاصة بعد جملة اجتماعات قامت بها وزارة الصحة على خطين، الأول مع أصحاب العلاقة من أطباء ومستشفيات، والثاني مع حكومة تصريف الأعمال التي وافقت أخيراً على طلب الوزارة بإعطاء سلف تُفوتر شهرياً لدعم مرضى غسيل الكلى الذين يُطبّبون على حساب الوزارة. كان المخاض عسيراً، إلا أنه سار كما يجب، يقول الأطباء. أما المخاض الآخر اليوم، والذي لا يبدو سهلاً، فهو كيفية الصرف، إذ لم يتم التوافق حتى اللحظة على آلية الصرف المفترضة، أي «طريقة الدفع»، بحسب هارون، المعطوفة حكماً على «عدم توفّر أموال في الدولة، وهي المعضلة التي تحلّ علينا وعلى الوزير والمريض سوية»، يضيف هارون.
وفي هذا السياق، تشير معلومات الأطباء إلى أن الإشكالية اليوم تتعلق بالتوافق على القيمة التي ستدفع شهرياً «حيث أن هناك رأي يطالب بدفع 80% من قيمة الجلسة على سعر المؤشر الشهري، على أن تصرف الـ20% في وقتٍ لاحق يتّفق عليه، فيما الوزارة تقول بدفع 60% من كلفة الجلسة شهرياً، على أن تبرمج الـ40% لاحقاً». ومنحى الوزارة هنا دونه مبررات، ومنها السؤال الهاجس المتعلّق «بقيمة السلفة والانسيابية في الدفع خصوصاً أنها تصرف من المصرف المركزي»، على ما تقول المصادر.
وبحسب الآلية القانونية، يُفترض أن يُحال ملف السلف إلى وزارة المال لنيل الموافقة عليه قبل أن تعمل الأخيرة على تحويله إلى مصرف لبنان. وهنا، الإشكالية: الدفع من مصرف لبنان، خصوصاً إذا ما أُخذ في الاعتبار تجربة الأخير في ملف الأدوية. وتتخوّف المصادر هنا من أن تكون «عرقلة آلية الدفع على طريقة ما يحصل في الدواء، حيث لا انسيابية في الدفع». فهل يواجه مرضى غسيل الكلى مصير مرضى السرطان؟ أم ِأن آلية تعاطي المصرف مع هؤلاء ستكون أكثر سلاسة؟