أثار تعثر مفاوضات اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، مخاوف من تصاعد أزمة الغذاء العالمي، قبيل أيام من انقضاء مدة تجديده التي جرت في منتصف نوفمبر الماضي لأربعة أشهر تنتهي في 18 مارس الجاري، وسط اعتراضات روسية بشأن استمرار العقوبات الغربية في فرض قيود على صادراتها لا سيما الأسمدة.
واعتبر وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، الخميس، أن المفاوضات الهادفة إلى تمديد اتفاق الحبوب “معقدة” في الوقت الراهن، موضحا أن بنود الاتفاق التي تعود بالفائدة على روسيا “لم تطبق على الإطلاق”.
وقال لافروف: “إذا لم يطبق سوى نصف بنود الاتفاق، فإن مسألة تمديده تصبح معقدة إلى حد ما”.
وعلى هذا النحو مضى المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، قائلًا إنه لا تزال هناك “أسئلة كثيرة” مطروحة فيما يتعلق باتفاق تصدير الحبوب، وإنه لا توجد خطط حالية لإجراء محادثات بين الرئيس فلاديمير بوتين وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون بالأمم المتحدة، مع مسؤولين روس في جنيف الأسبوع المقبل لمناقشة تمديد العمل بالاتفاق، في الوقت الذي أكدت موسكو المشاركة.
تفاصيل اتفاق الحبوب
– تنبع مبادرة حبوب البحر الأسود، وهي التسمية الرسمية للاتفاقية الخاصة بصادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية، من اتفاقية أبرمت في 22 يوليو الماضي بين روسيا والأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا.
– ساعدت تلك المبادرة في التخفيف من حدة أزمة الغذاء العالمي جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا
– جرى تجديدها في منتصف نوفمبر الماضي لـ 4 أشهر جديدة تنتهي الشهر الجاري.
– بموجب الاتفاق، يجري تفتيش السفن المتجهة إلى أوكرانيا والقادمة منها في المياه التركية، وتعمل الأطراف الأربعة معاً للموافقة على السفن التي تبحر بموجب الاتفاقية وتفتيشها.
– سمحت المبادرة بمرور الصادرات من ثلاثة موانئ أوكرانية.
– قبل التمديد السابق للاتفاق في نوفمبر، صعدت روسيا انتقاداتها له أيضا في محاولة للحصول على مزيد من التنازلات من الغرب، لكنها في النهاية سمحت بتمديده لمدة 120 يوما.
– أتاح الاتفاق تصدير نحو 23 مليون طن من الحبوب بعد أن منعت الحرب خروج السفن من الموانئ الأوكرانية، في الوقت الذي نص على إنشاء ممرات آمنة للسماح بإبحار السفن التجارية في البحر الأسود، لتصدير ما بين 20 و25 مليون طن من الحبوب، إلى 43 دولة.
خلافات عميقة
– من جانبه، اعتبر الخبير في العلاقات الدولية، عبد المسيح الشامي، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن هناك خلافات عميقة في الوقت بشأن اتفاق الحبوب، ولا شك أن هناك استغلال واضح لهذا الملف بشكل سياسي.
– وبشأن تأثير الخلافات الراهنة على مستقبل اتفاق تصدير الحبوب، أشار “الشامي”، إلى أن:
– الاتفاق في هذه الظروف ربما يتلقي ضربة كبيرة ويصعب تنفيذه بشكل سلس، رغم أنه لم يكن سلساً بما يكفي في المرات السابقة
– هذه المرة ستكون المفاوضات صعبة للغاية لأن هناك اتهامات متبادلة، وإصرار من قِبل الغرب لعدم تمرير أي تنازلات أو تخفيف من حدة العقوبات، خاصة على القطاع الزراعي والغذائي بشكل عام تجاه روسيا، لذلك الروس غير راضيين عن هذا الأمر بشكل عام
– هذا الاتفاق يستفيد منه الغرب أكثر من أي طرف آخر، وقالت موسكو مرارًا وتكرارًا أن أغلب المواد الغذائية تذهب إلى الأسواق الأوروبية ولا تذهب إلى أسواق الفقراء في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
– ترى روسيا أنه يجب على الغرب أن يخففوا على الأقل في هذا المضمار العقوبات بقطاع الغذاء والزراعة، ولذلك أعتقد أن هناك صعوبات فالغرب لم يوافق إلى الآن ولا يريد كما سمعنا من وزير الخارجية الأميركي الذي اتهم روسيا بأنها تماطل في تجديد الاتفاق.
– إذ استمر تعثر المفاوضات فهذا يمثل ضربة جديدة للغذاء العالمي الذي تأثر بشكل فادح من جراء الحرب بين موسكو وكييف
تدخل أممي
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب سمحت بتصدير 23 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية، وساهمت في خفض التكلفة العالمية للغذاء، كما قدمت الإغاثة الحيوية للناس الذين يدفعون أيضاً ثمن الحرب، لا سيما في الدول النامية.
وشدد على الأهمية الحاسمة لتجديد المبادرة في 18 مارس والعمل على تهيئة الظروف لتمكين أكبر قدر ممكن من استخدام البنى التحتية للتصدير عبر البحر الأسود، بما يتماشى مع أهداف المبادرة.
وأضاف: “صادرات الأغذية والأسمدة الأوكرانية – وكذلك الروسية – ضرورية للأمن الغذائي العالمي ولأسعار المواد الغذائية”.