إسرائيل ستضرب من جديد

نجحت الضغوط الأميركية العلنية والوساطات السرية في ثني إيران وأذرعها في المنطقة وخاصة في لبنان واليمن عن الردّ العسكري على إسرائيل أو تأجيله بشكل فقد معه “المومنتوم” المناسب لإسرائيل ونزع فتيل التفجير الكبير من دون تعطيل القنبلة التي قد تنفجر في أي وقت وفقاً لما نُقِل عن مسؤول أميركي حول شهية إسرائيلية للحرب للأسباب الداخلية المعروفة.

الضغوط الأميركية لم تكن باتجاه واحد تجاه إيران بل شملت وإن بدرجة أقل حدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للعودة إلى طاولة المفاوضات لبحث مصير الهدنة في غزة والتوصل إلى إطلاق سراح الرهائن والأسرى، وقد ساعد وزير الدفاع في الحكومة الإسرائيلية يواف غالانت (قد يكون الضحية المقبلة لنتنياهو) في الضغط على نتنياهو لأسباب تنافسية بين الرجلين للموافقة على العودة إلى طاولة المفاوضات، وتولّي قطر ومصر الضغط على “ح م ا س” للتوصل إلى الهدنة مع تسجيل أن السنوار كرئيس للحركة سيكون محرجاً في قبول ما رفضه تحت قيادة هنية…

هذه المقاربة للضغوط الأميركية على طرفَي الصراع إيران وإسرائيل باستخدام سياسة العصا ضد إيران بتهديدها من مغبة الردّ على اغتيال هنية والجزرة مع إسرائيل باستقدام قوات عسكرية أميركية إضافية مدعومة بقوة جوية نوعية لتأمين أمن وسلامة إسرائيل، وتبدو هذه المحاولة الأخيرة التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية لإبعاد شبح الحرب التي لا تريدها ولا تريدها إيران وتسعى إليها إسرائيل بكل ما أوتيت من ظروف دولية وإقليمية وداخلية مناسبة لتوجيه ضربة قاضية أو قاسية لأعدائها قبل الذكرى السنوية الأولى لعملية ٧ أكتوبر التي كسرت هالة دولة إسرائيل وهيبتها وشوّهت صورتها من دون أن تنجح إسرائيل في المقابل في القضاء على الأخطار المحدقة بها وطمأنة مواطنيها بأن ٧ أكتوبر لن يتكرر على جبهتها الشمالية على الرغم من الحرب المفتوحة على غزة والأهداف التي حققتها…

ومع كشف استطلاعات الرأي في إسرائيل عن تحسن كبير في شعبية نتنياهو، ومع ضآلة القدرة الأميركية على الضغط في مرحلة الإنتخابات الرئاسية الحامية والشرسة، ومع مراجعة الأحداث السابقة ينبغي التذكير بأن إسرائيل اغتالت محمد الضيف في غزة قبل أيام من التوصل لهدنة كانت في انتظار اللمسات الأخيرة لإعلانها، ومرور تفجير القنصلية الإيرانية في دمشق من دون عواقب تذكر، وكذلك الأمر في الإغتيالين الأخيرين في قلب ضاحية بيروت الجنوبية وقلب طهران استطاعت الإدارة الأميركية تشكيل شبكة حماية دولية سياسياً وعسكرياً حالت دون استهداف الأراضي الإسرائيلية ردّاً على العمليتين وردعاً لعمليات جديدة، فالسؤال اليوم ليس حول ما إذا كانت إسرائيل ستضرب وتُشعل فتيل التفجير من جديد، بل من سيكون الهدف، أين ومتى؟

زر الذهاب إلى الأعلى