من دائرة الشمال الثالثة إلى دائرة جزين-صيدا، ارتباك واضح يعيشه التيار الوطني الحر.
الشمال الثالثة:على مضض
يظهر ذلك جلياً في اللوائح المعلنة في الدوائر كافة. في السياسة، عانى الحزب في مساعيه لجمع رئيس التيار الوطني الحر مع قوى سياسية أخرى من المحور نفسه. فنجح على مضض مع الحزب السوري القومي الاجتماعي (قسم الروشة) في الشمال الثالثة، عبر انضمام المرشح وليد العازار إلى لائحة رئيس التيار جبران باسيل غير المكتملة. ولمن يعرف المنطقة جيداً يُدرك أن الثقل الانتخابي لا يملكه العازار بل هو في حيثية ابن عبدالله سعاده، النائب سليم سعاده في أميون-الكورة. في البترون وزغرتا وبشرّي والكورة، في الدائرة الشمالية الثالثة، يبدو باسيل يتيماً بعدما عجز عن ضم وليام طوق من بشرّي إلى لائحته. فشلت مساعيه بذلك بعدما عبّر جهاراً مناصرو طوق عن رفضهم لانضمامه إلى لائحة باسيل، فذهب طوق إلى لائحة الخصم سليمان فرنجية، وهو ما يمكن يؤثر على نسبة الحواصل التي يفترض أن يحصدها باسيل في الدائرة.
لا حلفاء
في جبيل-كسروان المعركة ضمن أهل البيت مع زوج ابنة رئيس الجمهورية النائب شامل روكز، الذي سبق أن قال عنه الرئيس ميشال عون، في انتخابات عام 2018: “أنا شامل وشامل أنا”، أما اليوم فشامل خارج التيار وخارج لائحة التيار، ما يزيد من الانقسامات التي تضرب قاعدته بفعل الخلافات بين المرشحين.
في المتن، تبدو المعركة محتدمة ليس فقط مع القوات اللبنانية التي قررت ترشيح الكاثوليكي ملحم الرياشي الذي يملك حيثية استثنائية، بل تبدو طاحنة بين المرشحين على اللائحة نفسها، الماروني ابراهيم كنعان والكاثوليكي إدي معلوف. المرشح الأرثوذكسي الياس أبو صعب يضمن حاصلاً، لامتلاكه حيثية خاصة في المنطقة، فيما ستنقسم الأصوات العونية بين كنعان ومعلوف. ومن يعرف العونيين جيداً يعلم أن لمعلوف حيثية خاصة لديهم. فهل هذا يعني أن سقوط كنعان ممكن؟ كل شيء وارد في المعركة المتنية التي ينزل فيها التيار وحده من دون حليف. وبالتالي، تطرح علامات استفهام حول عجزه عن الحصول مجدداً على ثلاثة حواصل.
الخوف من البستاني
في البقاع الغربي وفي الشوف، انضم التيار إلى لائحة حلفاء الحزب رغماً عنه. كان الخيار أمام باسيل، إما الموافقة على شروط الحزب أو المشاركة منفرداً، ما يعني تعرّضه لخسارة مدوية. فاضطر أن ينضم إلى لائحة النائب إيلي الفرزلي في البقاع الغربي، واضطر إلى قبول انضمام المرشح ناجي البستاني على لائحة طلال أرسلان-وئام وهاب في الشوف، بعدما كان رافضاً لذلك لما لناجي البستاني من حيثية تخوله الدخول إلى نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية في لحظة تقاطعات إقليمية. كما يشكّل وجود ناجي البستاني خطراً على مرشحي التيار الوطني الحر، النائبين فريد البستاني وغسان عطالله. حاول باسيل إلزام ناجي البستاني بالانضمام إلى تكتله في حال فوزه ففشل، وبالتالي يدرك باسيل أن فوز ناجي لن يعني الفوز بمقعد إضافي له في الشوف.
أزمة جزين
الأزمة الكبرى في جزين، مع اضطرار رئيس الجمهورية للتدخل علناً من أجل حلّ الأزمة بين مرشحي التيار زياد أسود وأمل أبو زيد. وفيما يفضل عون وباسيل فوز أبو زيد، يبدو أسود متقدماً بفعل محافظته على عصب العونيين. أما أبو زيد فسيحظى حتماً بأصوات الحزب، فيما ستحاول حركة أمل الفوز بحاصلين، من أصل ثلاثة، في جزين.
وما يدعو إلى التفكير بخطورة وضع التيار في جزين، هو غياب الثقل السنّي في لائحته، لدرجة أن باسيل قبل الانضمام إلى لائحة واحدة مع المرشح علي الشيخ عمار الذي يستفيض في شتائمه لعون وباسيل في كل مناسبة. فهل تستطيع أي من القوى في جزين أن تفوز بحاصل من دون أي دعم سنّي من صيدا؟ سؤال يطرح نفسه، ويطرح معه إمكانية عدم حصول التيار على حاصل واحد، إلا أذا انخفضت نسبة الاقتراع في الدائرة إلى حدودها الدنيا.
الوحدة القاتلة
لا تعكس هذه الجولة سوى إرباك كبير يتخبط فيه باسيل، غير أن احتمال انخفاض نسب الاقتراع يمكن أن يكون منقذه الوحيد من خسائر حتمية في عدد من الدوائر، التي كان يتغنى فيها بحضوره المسيحي الوازن. ومهما كانت نتيجة الانتخابات بالأرقام، إلا أن الخلاصة تتمحور حول خسارة باسيل وفريقه السياسي صدارة الشارع المسيحي، على اعتبار أن العديد من نوابه سيصلون إلى ساحة النجمة إما بأصوات الحزب أو بفعل عصا الحزب التي عملت على تجميع عدد من القوى في لوائح واحدة، أنقذت باسيل من وحدته القاتلة.