ليس مفاجئاً اللقاء الإفطاري الذي رعاه الأمين العام لـ»الحزب»، فالمفاجئ في هذا الاجتماع هو أن يتفاجأ به آخرون وكأنهم لا يتابعون العلاقة بين السيد حسن نصرالله والسيدين جبران باسيل وسليمان فرنجية. الأول تربطه ورقة تفاهم وتحالف استراتيجي بنصرالله جرت ترجمتهما منذ 2006 في الانتخابات النيابية والنقابية وفي إيصال العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية ثم في تشكيل الحكومات وحفظ الأرجحية فيها، وأخيراً في المواجهة المشتركة للهبّة الشعبية إحتجاجاً على الإنهيار وتبعاته.
والثاني يربطه بنصرالله ما يربط الأول به في خط مستقيم، تُضاف إليه العلاقة المتينة مع سوريا الأسد التي بات لـ»الحزب» فيها نفوذ ودور، وبذلك يكون المُضيف وضيفاه في موقع واحد من الاساس، زادته أزمات سوريا ولبنان صلابةً ومنعةً.
لا مجال للمفاجأة أصلاً مع ان السياسة في لبنان زاخرة بالمفاجآت. انسحاب الرئيس سعد الحريري من الانتخابات يمكن تصنيفه في خانة هذه المفاجآت، والإجماع المتأخر على انتخاب عون رئيساً قد يُحسب في هذه الخانة، والتحالفات الانتخابية المستجدة بين الأعداء والخصوم تدخل في باب الغرائب، الا انها ليست غرائب تاريخية، فحلفاء العهد اليوم كانوا الأقسى ضد رئيسه قبل ثلاثين عاماً عندما نفوه وحاكموه وأعدوا ضده لوائح اتهام، تبدأ بوضع اليد على المال العام ولا تنتهي بالعمالة على حد قول سيّد المرحلة.
لا غرابة إذن في سلوك قادة القوم، لكن المشكلة هي لدى الجماعة. جماعة المواطنين الذين اقتنعوا منذ الزمن العثماني وربما المملوكي بأن العين لا تقاوم المخرز، و»من أخذ أمي صار عمي» أو في صياغة بعض القادة المُحْدَثين: «عند تغيير الدول إحمِ راسك»!
ستكون الانتخابات العامة، أو يُفترضْ، إمتحاناً لكل هذا التراث من المفاجآت غير المفاجئة والأمثلة والسلوكيات المرافقة لها، ومهما كانت النتائج يجدر ببقية العاقلين أن لا يتفاجأوا مهما كان الثمن فادحاً أو ملائماً، فالجميع يدفع من كيسه أو يملأ هذا الكيس بما سيتيسر لذاكرته ووعيه وآماله في اللحظات الأخيرة.