الترشّح للانتخابات أسوأ استثمار مالي!
السباقُ الانتخابي في الـ2022، هو أشبهُ بتناطحٍ دخلَ فيهِ الحابلُ بالنّابل، على قاعدةٍ أو من دونِها، وفق مبادئ أو من دونها، للوصولِ إلى الندوةِ البرلمانية. كلّ ما يحصل، يوحي وكأنّ المرحلةَ المقبلة هي مرحلةُ الازدهار والبحبوحة رغم أنّ ما يُقبل عليهِ نوابُنا الجُدُد سيكونُ أسوأ ما قد يرغبهُ سياسيٌّ في العالم، حيث أن الإنقاذَ يحتاجُ عمليّةً قيصريّة لا تزالُ عدّتها مفقودةً وظروفُها غير مؤاتية.
ما يثيرُ الاستغرابَ أكثر، هو متى دخلنا في الارقام واكتشفنا حقيقةَ ما يدفعُهُ هؤلاء المرشحون لتنظيمِ حملاتهم الانتخابية والتسويقِ لأنفسهم مقابلَ ما قد يجنونَهُ خلالَ مسيرتهم النيابية التي تمتدّ 4 سنوات في حالِ الفوز. فراتبُ النائب لا يتجاوزُ الـ12،75 مليون ليرة شهريا، أي ما يعادلُ 612 مليونا خلال السنوات الأربع كاملة، في حين أن الإنفاقَ الانتخابي الذي يحصل ُعلى أبوابِ الانتخابات قد يفوقُ بكثيرٍ هذا الرقم.
ونعني بالإنفاق الانتخابي سقف المبلغ الذي يُسمحُ لكلّ مرشّح بإنفاقه خلال فترةِ الحملة الانتخابية، والذي يكونُ قسمٌ منهُ مقطوعًا وقدره 750 مليون ليرة، إضافة إلى قسمٍ متحرّك مرتبطٍ بعددِ الناخبينَ في الدائرة الانتخابية التي ينتخبُ فيها وقدره 50 ألف ليرة عن كلّ ناخبٍ مسجّلٍ في القوائمِ الانتخابية، فكلّما كانَ عددُ الناخبينَ المسجّلين أكبر كلما ارتفعَ السقفُ الانتخابيّ المسموح به.
بمعنى أوضح، في بعضِ الدوائر سقفُ الإنفاقِ الانتخابيّ يتخطى ما قد يتقاضاه النائبُ خلال مدّة انتخابه، مثل بعبدا (756 مليونا)، المتن (832 مليونا)، الشوف (877 مليونا)، عاليه (614 مليونا)، النبطية (637 مليونا)، صور (766 مليونا)، بنت جبيل (643 مليونا)، مرجعيون وحاصبيا (705 ملايين)، زحلة (782 مليونا) البقاع الغربي راشيا ( 639 مليونا)، زحلة (782 مليونا)، طرابلس (934 مليونا)، في حين أنّ في بعض الدوائر مثل بيروت الثالثة وبعلبك الهرمل وعكار، يتخطّى سقفُ الإنفاق الانتخابي فيها المليار ليرة نسبةً لكثافةِ الناخبينَ فيها!
فما الذي يدفعُ هؤلاء إلى التناطحِ للوصولِ إلى البرلمان؟ أوَلا يطرحُ ما تقدّمَ تساؤلاتٍ كثيرة عمّا يحصُده هؤلاء من النيابة أو عن أبوابِ الربحِ الكثيرة أو التنفيعات والتسهيلات التي تُشرّع أمامهم متى وصلوا إلى ساحةِ النجمة؟!
نحن بالطبع لن نعمّمَ، ففي التعميمِ ظلمٌ، لكنّ التساؤلَ مشروعٌ عن مئاتِ الملايين والمليارات التي تُصرف خلال الحملاتِ الانتخابية والتي أرقامُها لا تبدو منطقيةً خصوصا وسط المشهد المُعتم في لبنان… إنه حقا بلدُ العجائب، على أمل أن لا تُنتج انتخاباتنا العتيدة عجائبَ أفظع…